.................................................................................................
______________________________________________________
وجوب الوفاء بعقد الإجارة الثانية وبين وجوب الوفاء بالشرط الواقع في ضمن الإجارة الأُولى ، فإنّ مقتضى الثاني مباشرته بنفسه ، ومقتضى الأوّل مباشرة غيره ، وهما متضادّان ، والحكمان غير قابلين للامتثال معاً خارجاً.
وحيث إنّ المفروض صحّة الشرط فلا يبقى بعدئذٍ مجال للوفاء بالعقد ليتّصف بالصحّة ، فلا جرم يحكم بفساده.
ونظيره ما تقدّم في كتاب الحجّ من أنّ المستطيع لا يصحّ منه إيجار نفسه للنيابة في عام الاستطاعة ، لأنّ وجوب الحجّ لنفسه لا يجتمع مع وجوب الوفاء بعقد الإجارة في حجّ النيابة ، والترتّب لا يجري في أمثال المقام بأن يؤمر بالحجّ لنفسه أوّلاً وعلى تقدير المخالفة فبالوفاء بعقد الإجارة ، لاستلزامه التعليق في العقد المبطل له إجماعاً. نعم ، لا مانع من تصحيح نفس الحجّ النيابي بالترتّب والحكم بفراغ ذمّة المنوب عنه وإن كان النائب عاصياً مع الالتفات واستحقاق اجرة المثل. وأمّا صحّة الإجارة لكي يستحقّ الأُجرة المسمّاة فلا سبيل إليها حتى بنحو الترتّب. وتمام الكلام في محلّه (١).
وعلى الجملة : فهذه الصورة ترجع إلى الصورة الاولى إمّا موضوعاً أو لا أقلّ حكماً ، فلا تجوز الإجارة الثانية لا تكليفاً ولا وضعاً حسبما عرفت ، إلّا إذا كان المستوفي للمنفعة في الإجارة الثانية هو نفس المؤجر.
فإن قلت : مقتضى ما ذكرت هو الالتزام بالبطلان في الصورة الثانية أيضاً أعني : ما إذا كان الشرط عدم الإيجار من الغير إذ يجري فيها أيضاً ما سبق من التنافي بين الوفاء بكلّ من الشرط والعقد.
قلت : كلّا ، إذ الشرط هناك هو نفس عدم الإيجار ، فمتى آجر فقد خالف الشرط وارتكب الحرام ، ولا نظر للشرط إلى ما بعد الارتكاب والمخالفة ، فلا
__________________
(١) شرح العروة ٢٧ : ١٠.