.................................................................................................
______________________________________________________
فعلى هذا الميزان الكلّي والضابط العام يتحقّق التداعي من الجانبين في المقام.
ففي الفرض الأوّل : كما أنّ المستأجر يدّعي شيئاً ينكره المالك حسبما ذكر فكذلك المالك ، إذ هو يطالب بالأُجرة ويدّعي استحقاقها بمجرّد تسليم الحمار ومن دون تسليم الفرس الذي يدّعيه المستأجر ، وهذا شيء ينكره المستأجر ، فإنّه وإن اعترف بكون الأُجرة ملكاً للمؤجّر لكنّه ينكر استحقاق تسلّمها ما لم يسلّم الفرس ، فعلى المالك إثبات الاستحقاق المزبور بعد وضوح عدم وجوب تسليم أحد العوضين من كلّ من الطرفين ما لم يسلّم الطرف الآخر.
وكذا في الفرض الثاني ، إذ كما أنّ مالك الدار يدّعي الدينار وينكره المستأجر كما ذكر ، فكذلك المستأجر يطالب المالك بتسليم العين فيدّعي استحقاق منفعة الدار من دون أن يعطي الدينار ، بل بإزاء دفع الدراهم فقط ، وهذا شيء ينكره المالك ، فلا جرم يحتاج إلى الإثبات وإقامة البيّنة عليه ، فإنّ المنفعة وإن كانت ملكاً له باعتراف المالك إلّا أنّه لا يجب التسليم على كلّ منهما ما لم يسلّم الآخر كما هو مقتضى مفهوم المبادلة والمعاوضة حسبما عرفت ، فيطالبه المستأجر بالتسليم من دون دفع الدينار الذي يدّعيه المالك ، وهو غير ثابت.
فإذن كلّ منهما يدّعي شيئاً ينكره الآخر ، وهذا هو معنى التداعي (١) ، ومجرّد الاتّفاق على أنّ المنفعة ملك للمستأجر لا أثر له في انحصار المدّعى في المالك ، فلاحظ.
فما ذكره في المتن من عدّ المقام من موارد التحالف هو الصحيح ، ومعلوم أنّ محلّ الكلام ما إذا أقام كلّ منهما البيّنة أو لم يقمها أيّ منهما ، وإلّا فلو أقام
__________________
(١) يمكن إجراء هذا البيان في المسألة الثالثة المتقدّمة أيضاً إلّا أن يفرق بأنّ الأصل فيها بلا معارض ، فلاحظ.