وأمّا ما هو وجه العدول من لفظ « عدل » إلى لفظ « ثقة » فهذا ما أجاب عنه بهاء الدين العاملي وقال : إنّهم يريدون بقولهم « فلان ثقة » : عدل ضابط ، لأنّ لفظة الثقة من الوثوق ولا وثوق بما يتساوى سهوه مع ذكره ، وهذا هو السرُّ في عدولهم عن قولهم « عدل » إلى قولهم « ثقة ». (١)
والظاهر منهما انّه بمعنى العدل بالمعنى المتفق عليه بين الفريقين ، وأمّا دلالتها على كونه « إمامياً » فهذا ما ذهب إليه ابن صاحب المعالم والمحقّق البهبهاني.
قال ابن صاحب المعالم : إذا قال النجاشي ثقة ، ولم يتعرض لفساد المذهب ، فظاهره أنّه عدل إمامي ، لأنّ ديدنه التعرّض للفساد ، فعدمه ظاهر في عدم ظفره ، لشدّة بذل جهده وزيادة معرفته. (٢)
وقال المحقّق البهبهاني : إنّ الرواية المتعارفة المسلّمة المقبولة أنّه إذا قال : « عدل إمامي نجاشيّاً كان أو غيره » أو فلان « ثقة » يحكمون بمجرّد هذا القول انّه عدل إمامي ، لأنّ الظاهر من الرواة ، التشيّع والظاهر من الشيعة حسن العقيدة ، أو لأنّهم وجدوا منهم أنّهم اصطلحوا ذلك في الإمامية وإن كانوا يطلقون على غيرهم مع القرينة. (٣)
يلاحظ عليه : بأنّ هذه اللفظة من الألفاظ المتداولة بين الرجاليين من الخاصّة والعامّة ، وليس لعلمائنا فيه اصطلاح خاص ، ولو كان المذهب داخلاً في مفهوم الثقة ، يلزم أن يكون مشتركاً لفظياً بين الفريقين.
والذي يدلّ على ذلك هو انّ النجاشي يصف كثيراً من فاسدي المذهب
__________________
١. مشرق الشمسين : ٢٩٦ ، ضمن كتاب الحبل المتين.
٢. مقباس الهداية : ٢ / ١٤٨ ، الطبعة الحديثة.
٣. التعليقة : ٥.