الغالب عندهم والقائل بمنع «أمس» من الصرف في حالة واحدة وهي «الرفع» خاصة. ويبنونه على الكسر في حالتي النصب والجر موافقين مذهب الحجازيين كما سنرى إن شاء الله. «واعلم أن بني تميم يقولون في موضع الرفع ، لأنهم عدلوه عن الأصل الذي هو عليه في الكلام لا عن ما ينبغي له أن يكون عليه في القياس» (١).
وجاء في «ما ينصرف وما لا ينصرف» : «وزعم سيبويه : أن بني تميم يمنعونه الصرف في الرفع فيقولون «ذهب أمس بما فيه» لأنه قد خرج من باب الظروف ، ويوافقون غيرهم على الكسر في الظروف. فأما قولهم :
لقد رأيت عجبا مذ أمسا |
|
عجائزا مثل الأفاعي خمسا |
فإنما جر بـ «مذ» وقد كان يرفع بها ، فأجراها في ترك الصرف في الجر في الرفع إذ معنى الرافعة معنى الجارة» (٢).
وجاء في شرح «التصريح على التوضيح» بهذا الخصوص ما يلي : «وجمهورهم يخص ذلك» الإعراب الممنوع من الصرف (بحالة الرفع) خاصة دون حالتي النصب والجر فيبنيه على الكسر فيهما كقوله :
اعتصم بالرجاء إن عنّ بأس |
|
وتناس الذين تضمّن أمس |
فرفع أمس على الفاعلية بتضمن ولم ينونه ، و «عنّ» بالنون من «عنّ يعين» إذا عرض ، ويروى «عزّ» بالزاي بمعنى غلب ، «وتناس» أمر من التناسي وهو أن يرى من نفسه أنه نسيه» (٣).
__________________
(١) سيبويه ٢ / ٤٣.
(٢) ما ينصرف وما لا ينصرف ٩٤ ـ ٩٥.
(٣) التصريح على التوضيح ٢ / ٢٢٦.