ومن التراكيب النحوية المشهورة المتداولة قولهم : لا تأكل السمك وتشرب اللبن (١). حيث يضبط الفعل (تشرب) طبقا للمعنى المفهوم من العلاقة بين الجملتين ، فيجوز أن يجزم ، وأن ينصب ، وأن يرفع ، ذلك على النحو الآتى :
ـ إن أردت نهيا عن الفعل الثانى (تشرب) عطفت على المنهىّ عنه الأول (تأكل) ، فإنك تجزم الثانى كما جزمت الأول ، وتحرك آخره بالكسر لالتقاء الساكنين.
ـ إن أردت عدم الجمع بين الفعلين حدثيا فإنك تنصب الثانى ، حيث تصير الواو للمصاحبة أو المعية ، وعندئذ تفعل أحدهما ، وتمتنع عن الآخر.
ـ إن أردت النهى فى الفعل الأول وحده ، وأبحت عمل الفعل الثانى للمستمع فإنك ترفع الثانى على سبيل القطع والاستئناف ، وعندئذ توجب النهى عن الأول ، وتجيز فعل الثانى.
ـ التمنى : فى قوله تعالى : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [الأنعام : ٢٧]. حيث (نكذب) مضارع منصوب بعد واو المعية بـ (أن) المضمرة ، وقد سبقت الواو بالتمنى (يا ليتنا) ، كما عطف عليه (نكون) بالنصب (٢).
ـ الاستفهام : فى قول الحطيئة :
ألم أك جاركم ويكون بي |
|
نى وبينكم المودّة والإخاء (٣) |
__________________
(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٤٢ / المقتضب ٢ ـ ٢٤ / المقرب ١ ـ ٢٦٨ / شرح التصريح ٢ ـ ٢٤١.
(٢) فى الفعلين (نكذب ونكون) قراءات أخرى ، حيث يقرآن بالرفع بالعطف على (نرد) ، أو أنهما خبر لمبتدإ محذوف. كما يقرأ الأول منصوبا والثانى مرفوعا ، أو العكس.
ينظر : الكتاب ٣ ـ ٤٤ / إملاء ما منّ به الرحمن ١ ـ ٢٣٩ / البيان ١ ـ ٣١٨ / الدر المصون ٣ ـ ٣٨.
(٣) ديوانه : ٥٤ / الكتاب ٣ ـ ٤٢ / المقتضب ٢ ـ ٢٧ / الرد على النحاة ١٢٢٢ / شرح التحفة الوردية ٣٧٨ / شرح الشذور رقم ١٢٥ ص ٣١٢.
(ألم) الهمزة : حرف استفهام مبنى لا محل له من الإعراب. لم : حرف نفى وجزم وقلب مبنى على السكون لا محل له من الإعراب. (أك) فعل مضارع ناقص ناسخ مجزوم ، وعلامة جزمه السكون على النون المحذوفة. واسمه ضمير مستتر تقديره : أنا. (جاركم) جار : خبر كان منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة.