إلى كره أبي طالب وتوجيه مثل هذا الاتهام الكبير إليه؟!
كيف يكون هدفا لمثل هذا الاتهام من كان يدافع بكل كيانه ووجوده عن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ولطالما وقف هو وابنه في مواقع الخطر يدر آن عن حياة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كل خطر؟!
هنا يرى المحققون المدققون أنّ التيار المناوئ لأبي طالب تيار سياسي ينطلق من عداء «شجرة بني أمية الخبيثة» لمكانة علي عليهالسلام.
ذلك لأنّ أبا طالب ليس الوحيد الذي تعرض لمثل هذه الهجمات بسبب قرابته من أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، بل إنّنا نلاحظ على امتداد تاريخ الإسلام أنّ كل من كان له بأي شكل من الأشكال نوع من القرابة من أمير المؤمنين علي عليهالسلام لم ينج من هذه الحملات اللئيمة ، وفي الحقيقة كان ذنب أبي طالب الوحيد أنّه والد الشخصية الإسلامية الكبرى عليعليهالسلام.
ونذكر هنا بإيجاز مختلف الأدلة التي تثبت إيمان أبي طالب ، تاركين التفاصيل للكتب المختصة في الموضوع.
١ ـ كان أبو طالب يعلم ، قبل بعثة الرّسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّ ابن أخيه سوف يصل إلى مقام النبوة ، فقد كتب المؤرخون أنّه في رحلته مع قافلة قريش إلى الشام اصطحب معه ابن أخيه محمّدا البالغ يومئذ الثّانية عشرة من العمر ، وفي غضون الرحلة رأى منه مختلف الكرامات ، ثمّ عند ما مرّت القافلة بالراهب (بحيرا) الذي أمضى سنوات طوالا في صومعته على طريق القوافل التجارية ، استلف محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم نظر الراهب الذي راح يدقق في وجهه وملامحه ، ثمّ التفت إلى الجمع سائلا : من منكم صاحب هذا الصبي؟ فأشار الجمع إلى أبي طالب الذي قال له : هذا ابن أخي ، فقال بحيرا : إنّ لهذا الصبي شأنا ، إنّه النّبي الذي أخبرت به وبرسالته الكتب السماوية ، وقد قرأت فيها تفاصيل ذلك كله (١).
__________________
(١) ملخص ما ورد في سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ١٩١ ، وسيرة الحلبي ، ج ١ ، ص ١٣١ ، وكتب أخرى.