أبي ذر قال : بيّنا أنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ انتطحت عنزان ، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم«أتدرون فيما انتطحتا؟» فقالوا : لا ندري ، قال : «ولكن الله يدري وسيقضي بينهما»(١.
وفي رواية بطرق أهل السنة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير هذه الآية أنّه قال : «إنّه يحشر هذه الأمم يوم القيامة ويقتص من بعضها لبعض حتى يقتص للجماء من القرناء»(٢).
وفي الآية (٥) من سورة التكوير يقول سبحانه : (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) وهي دليل آخر على ذلك.
* * *
٢ ـ الحشر والتكليف :
تطرح هنا مسألة يتوقف فهم الآية عليها ، وهي هل أن مقولة تكليف الحيوانات معقولة ، مع أنّ من شروط التكليف العقل ، ولهذا لا يكون الطفل والمجنون مكلّفين؟ فهل للحيوانات ذلك العقل الذي يؤهلها للتكليف؟ وهل يمكن أن نعتبر الحيوان أكثر عقلا وإدراكا من الصبي غير البالغ ومن الجنون؟ فإذا لم يكن له مثل هذا العقل والإدراك ، فكيف يجوز أن يكلّف ، وبأي تكليف؟
للجواب على هذه السؤال نقول : إنّ للتكليف مراحل ودرجات ، وكل مرحلة تناسب درجة معينة من العقل والإدراك ، وانّ التكاليف الكثيرة المفروضة في القوانين الإسلامية على الإنسان تتطلب مستوى رفيعا من العقل والإدراك لإنجازها ، ولا يمكن أن نفرض مثل تلك التكاليف على الحيوانات طبعا ، لأنّ الشرط المطلوب لإنجازها غير متوفر في الحيوانات ، إلّا أنّ مرحلة من التكاليف
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ونور الثقلين في تفسير الآية المذكورة.
(٢) تفسير المنار ، ذيل الآية ، والجماء عكس القرناء : الحيوان الفاقد للقرن.