٣ ـ التعاليم والأوامر الخالدة
لعلّنا في غنىّ عن التذكير بأنّ هذه التعاليم والأوامر العشرة لا تختص بالدين الإسلامي ، بل كان نظيرها في جميع الشرائع المتقدمة عليه وإن كانت قد حظيت في الإسلام بعناية أكبر وأوسع.
وفي الحقيقة أنّ هذه التعاليم ممّا يدركه العقل السويّ والضمير السليم بوضوح وجلاء وبعبارة أخرى : هي من «المستقلات العقلية» ولهذا فإنّها كما ذكرت في القرآن الكريم ، تلاحظ بشكل أو بآخر في شرائع الأنبياء الآخرين (١).
٤ ـ أهمية الإحسان إلى الوالدين
إنّ ذكر مسألة الإحسان للوالدين ـ بعد مكافحة الشرك مباشرة ، وقبل ذكر تعاليم مهمّة مثل حرمة قتل النفس والأمر بالعدل ـ يدلّ على الأهمية القصوى التي يحظى بها حق الوالدين في التعاليم الإسلامية.
ويتّضح هذا الأمر أكثر عند ما نرى أن القرآن الكريم ذكر بدل تحريم أذى الوالدين الذي يلائم سياق هذه الآية في استعراضها للمحرمات ، مسألة الإحسان إليهما ، يعني أنّه ليس إزعاج الوالدين وإيذاؤهما محرّما فقط ، بل يجب الإحسان إليهما.
والأجمل من هذا كلّه أنّ كلمة «الإحسان» عدّيت بحرف «الباء» فقال : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً) ونحن نعلم أن الإحسان قد يعدّى بإلى وقد يعدّى بالباء ، فإذا عدّ بإلى كان معناه : الإحسان إلى الآخر سواء كان بصورة مباشرة ، أو مع الواسطة. ولكنّه عند ما يعدّى بالباء يكون معناه : الإحسان بصورة مباشرة ومن دون واسطة.
وعلى هذه الأساس فإنّ هذه الآية تؤكّد أنّ موضوع الإحسان إلى الوالدين
__________________
(١) راجع الآية (١٣) من سورة الشورى.