حرب «صفين» فكانت «كلمة حق أريد بها باطل» كما قال الإمام عليعليهالسلام ، حتى أصبح شعارهم (لا حكم إلّا لله).
لقد كانوا من الجهل والبلاهة إنّهم حسبوا أن من حكم بأمر الله والإسلام في أمر من الأمور يكون قد خالف (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) بينما كانوا يقرءون القرآن كثيرا ، ولكن لا يفهمونه إلّا قليلا ، فالقرآن نفسه في موضوع الاحتكام العائلي يصرح باختيار حكم من جانب الزوجة وحكم من جانب الزوج : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها)(١).
واعتبر بعض آخر هذه الآية ـ كما يقول الفخر الرازي في تفسيره ـ دليلا على الجبرية ، قائلين إنّنا إذا قبلنا بأنّ الأوامر في عالم الخلق بيد الله ، فلا يبقى لأحد مجال للاختيار.
ولكنّنا نعلم أنّ حرية إرادة عباد الله وحرية اختيارهم هي أيضا ، بأمر من الله الذي شاء أن يكونوا أحرارا في إختيار ما يعملون ، لكي يحملهم مسئولية أعمالهم والتكاليف الملقاة على عواتقهم.
٣ ـ «يقص» في اللغة ترد بمعنى القطع ، وفي القاموس : «قص الشعر والظفر أي قطع منهما بالمقص أي المقراض» ، وعلى هذا يكون معنى و «يقص الحق» إنّ الله يقطع الحق عن الباطل ويفصل بينهما ، ولذلك يتلوها بقوله : (هُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) للتوكيد ، فالفعل «يقص» هنا لا يعني سرد حكاية ، كما ظن بعض المفسّرين.
* * *
__________________
(١) النساء ، ٣٥.