الرّوايات وعدم اعتبار الكتب التي أوردت مثل هذه الرّوايات ، (اللهم إلّا إذا قلنا أنّ المقصود من هذه الرؤية هي الرؤية القلبية) هل يصح أن نجانب حكم العقل والحكمة من أجل أمثال هذه الأحاديث؟!
أمّا الآيات القرآنية التي يبدو منها لأوّل وهلة أنّها تدل على رؤية ، مثل (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (١) و (يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (٢) فإنّها من باب الكناية والرمز ، إنّنا نعلم أنّ أية آية قرآنية لا يمكن أن تخالف حكم العقل ومنطق الحكمة.
والملفت للنظر أنّ الأحاديث والرّوايات الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام تستنكر هذه العقيدة الخرافية أشد استنكار ، وتنتقد القائلين بها أشد انتقاد ، من ذلك أنّ أحد أصحاب الإمام الصّادق عليهالسلام واسمه (هشام) يقول : كنت عند الإمام الصّادق عليهالسلام فدخل عليه معاوية بن وهب (وهو من أصحاب الإمام أيضا) وسأله قائلا : يا بن رسول الله ، ما قولك في ما جاء بشأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قد رأى الله ، فكيف رآه؟ وكذلك في الحديث المروي عنه أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إنّ المؤمنين في الجنّة يرون الله. فبأي شكل يرونه؟ فتبسم الإمام الصّادق ابتسامه ألم ، وقال : «يا معاوية بن وهب! ما أقبح أن يعيش المرء سبعين أو ثمانين سنة في ملك الله ، ويتنعم بنعمه ، ثمّ لا يعرفه حق المعرفة يا معاوية ، إنّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لم ير الله رأي العين أبدا ، إنّ المشاهدة نوعان : المشاهدة القلبية ، والمشاهدة البصرية ، فمن قال بالمشاهدة القلبية فقد صدق ، ومن قال بالمشاهدة البصرية فقد كذب وكفر بالله وبآياته فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من شبه الله بالبشر فقد كفر» (٣).
وفي (أمالي الصدوق) بإسناده إلى إسماعيل بن الفضل قال : سألت الإمام
__________________
(١) القيامة ، ٢٣ و ٢٤.
(٢) الفتح ، ١٠.
(٣) معاني الأخبار ، نقلا عن «الميزان» ، ج ٨ ، ص ٢٦٨.