المنحرفة حوله ولو لا هذه المقايسة والمقارنة لما أمكن تمييز الطريق المستقيم عن الطريق المنحرف.
كلّ هذا بغض النظر عن أنّنا نقرأ في بعض الأحاديث أنّ الشيطان بعد قيامه بذلك الذنب ، عرّض سعادته ونجاته في العالم الآخر للخطر بصورة كلّية ، ولهذا فإنّه طلب من الله تعالى أن يعطيه عمرا طويلا في هذه الدنيا في مقابل عباداته التي كان قد أتى بها قبل ذلك ، وكانت العدالة الإلهية تقتضي قبول مثل هذا الطلب.
إنّ النقطة المهمّة الأخرى التي يجب الانتباه إليها ـ أيضا ـ هي أنّ الله تعالى وإن كان ترك الشيطان حرّا في القيام بوساوسه ، ولكنّه من جانب آخر لم يدع الإنسان مجرّدا من الدفاع عن نفسه.
لأنّه أوّلا : وهبه قوّة العقل التي يمكن أن توجد سدّا قويا منيعا في وجه الوساوس الشيطانية خاصّة إذا لقيت تربية صالحة.
وثانيا : جعل الفطرة النقيّة وحبّ التكامل في باطن الإنسان كعامل فعال من عوامل السعادة.
وثالثا : يبعث الملائكة التي تلهم الخيرات إلى الذين يريدون أن يعيشوا بمنأى عن الوساوس الشيطانية ، كما يصرّح القرآن الكريم بذلك إذ يقول : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ) (١) إنّها تنزل عليهم لتقوية معنوياتهم بإلهامهم ألوان البشارات والتطمينات لهم.
ونقرأ في موضوع آخر : (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا)(٢) وسدّدوا خطاهم في طريق الحق.
__________________
(١) فصّلت ، ٣٠.
(٢) الأنفال ، ١٢.