مهمّا وخطيرا استتبع عقوبة شديدة من جانب الله تعالى (١).
إنّ نهي آدم عن الشجرة الممنوعة لم يكن نهيا تحريميا ، بل كان ترك أولى ، ولكن نظرا إلى مكانة آدم ومقامه ومرتبته عدّ صدوره أمرا مهما وخطيرا ، واستوجب مخالفة هذا النهي (وإن كان نهيا كراهيا وتنزيهيا) تلك العقوبة والمؤاخذة من جانب الله تعالى.
هذا وقد احتمل بعض المفسّرين ـ أيضا ـ أنّ نهي آدم عن الشجرة الممنوعة كان «نهيا إرشاديا» لا نهيا مولويا ، وتوضيح ذلك : أنه قد ينهى الله تعالى عن شيء من منطلق كونه مالك الإنسان وصاحب أمره ومولاه ، وطاعة هذا النوع من النهي واجبة على كل أحد من الناس ، وهذا النوع من النهي يسمى نهيا مولويا.
ولكنّه قد ينهي عن شيء لمجرّد أن ينبه الإنسان على أن ارتكاب هذا النهي ينطوي على أثر غير محمود تماما ، مثل نهي الطبيب عن الأطعمة المضّرة ، ولا شك في أنّ المريض لو خالف الطبيب لا يكون قد أهان الطبيب ، ولا أنّه خالف شخصه ، بل يكون بتجاهله نهي الطبيب قد تجاهل إرشاده ، وجرّ إلى نفسه التعب والنصب.
وفي قصة آدم أيضا قال الله تعالى له : إنّ نتيجة الأكل من الشجرة الممنوعة هي الخروج من الجنّة ، والوقوع في التعب والنصب ، وكان هذا مجرّد إرشاد وليس أمرا ، وبهذا فإنّ آدم خالف نهيا إرشاديا فقط ، لا أنّه أتى عصيانا وذنبا واقعيا.
ولكن التّفسير الأوّل أصحّ ، لأنّ النهي الإرشاديّ لا يحتاج إلى مغفرة ، في حين أنّ آدم ـ ما سنقرأ في الآية اللاحقة ـ يطلب من الله تعالى الغفران ، هذا مضافا إلى أنّ فترة الجنّة كانت تعدّ فترة تدريبية وتعليمية بالنسبة لآدم ... ، فترة الوقوف على التكاليف والأوامر والنواهي الإلهية ... فترة معرفة الصّديق والعدو ... فترة
__________________
(١) نور الثقلين ، المجلد الثاني ص ٤١١ ، نقلا عن كتاب علل الشرائع.