وتشرع الآية بذكر صفات المؤمنين والمؤمنات ، وتبدأ ببيان أنّ بعضهم لبعض ولي وصديق (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ).
إنّ أوّل ما يلفت النظر أن كلمة (أولياء) لم تذكر أثناء الكلام عن المنافقين ، بل ورد (بعضهم من بعض) التي توحي بوحدة الأهداف والصفات والأعمال ، ولكنّها تشير ضمنا إلى أن هؤلاء المنافقين وإن كانوا في صف واحد ظاهرا ويشتركون في البرامج والصفات ، إلّا أنهم يفتقدون روح المودة والولاية لبعضهم البعض ، بل إنّهم إذا شعروا في أي وقت بأنّ منافعهم ومصالحهم الشخصية قد تعرضت للخطر فلا مانع لديهم من خيانة حتى أصدقائهم فضلا عن الغرباء ، وإلى هذه الحالة تشير الآية (١٤) من سورة الحشر : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى).
وبعد بيان هذه القاعدة الكلية ، تشرع ببيان الصفات الجزئية للمؤمنين :
١ ـ ففي البداية تبيّن أن هؤلاء قوم يدعون الناس إلى الخيرات (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ).
٢ ـ إنّهم ينهون الناس عن الرذائل والمنكرات (وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
٣ ـ إنّهم بعكس المنافقين الذين كانوا قد نسوا الله ، فإنّهم يقيمون الصلاة ، ويذكرون الله فتحيا قلوبهم وتشرف عقولهم (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ).
٤ ـ إنّهم ـ على عكس المنافقين والذين كانوا يبخلون بأموالهم ـ ينفقون أموالهم في سبيل الله وفي مساعدة عباد الله وبناء المجتمع وإصلاح شؤونه ، ويؤدون زكاة أموالهم (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ).
٥ ـ إنّ المنافقين فسّاق ومتمردون ، وخارجون من دائرة الطاعة لأوامر الله ، أمّا المؤمنون فهم على عكسهم تماما ، إذ (وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ).
أمّا ختام الآية فإنّه يتحدث عن امتيازات المؤمنين ، والمكافأة والثواب الذي ينتظرهم ، وأوّل ما تعرضت لبيانه هو الرحمة الإلهية التي تنتظرهم ف (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ).