بِها) فهم لا يعتقدون بالمعاد وتجاهلوا الآيات البينات فلم يتدبروا فيها كيما تستيقظ قلوبهم ويتحرك فيهم روح الاحساس بالمسؤولية (وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ) فكلا هاتين الطائفتين مصيرهم الى النّار : (أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
إنّ النتيجة الطبيعية والحتمية لعدم الإيمان بالمعاد هي الارتباط بهذه الحياة المحدودة والعلائق المادية ، والاطمئنان بها والاعتماد عليها ، ونتيجة ذلك ـ أيضا ـ هو تلوّث الأعمال وفساد السلوك في أنماط الحياة المختلفة ، ولا تكون عاقبة ذلك إلّا النّار.
وكذلك فإنّ الغفلة عن الآيات الإلهية هي أساس البعد عن الله سبحانه ، والابتعاد عن الله هو العلّة لعدم الإحساس بالمسؤولية والتلوّث بالظلم والفساد والمعصية ، وعاقبة ذلك لا تكون إلّا النّار.
بناء على هذا ، فإنّ كلا الفريقين أعلاه ـ أي الذين لا يؤمنون بالمبدأ ، أو لا يؤمنون بالمعاد ـ سيكونان ملوّثين حتما بالأعمال الذميمة ، ومستقبل كلا الفريقين مظلم.
إنّ هاتين الآيتين تؤكّدان مرّة أخرى هذه الحقيقة ، وهي أنّ إصلاح مجتمع ما وإنقاذه من نار الظلم والفساد ، يتطلب تقوية ركني الإيمان بالله والمعاد اللذين هما شرطان ضروريان وأساسيان ، فإنّ عدم الإيمان بالله سبحانه سيقتلع الإحساس بالمسؤولية من وجود الإنسان ، والغفلة عن المعاد يذهب بالخوف من العقاب ، وعلى هذا فإنّ هذين الأساسين العقائديين هما أساس كل الإصلاحات الاجتماعية.
ثمّ يشير القرآن إلى وضع فئة أخرى في مقابل هذه الفئة ، فيقول : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) فإنّ نور الهداية الإلهية الذي ينبعث