من نور إيمانهم يضيء كل آفاق حياتهم ، وقد اتّضحت لهم الحقائق باشراقات هذا النور بحيث لم تعد شراك المذاهب المادية وزبارجها ، ولا الوساوس الشيطانية وبريق المطامع الدنيوية قادرة على التعتيم على افكارهم ودفعهم في طريق الانحراف عن الصواب والحق.
إنّ وضع هؤلاء في الحياة الأخرى أنّهم (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ).
إنّ هؤلاء يرفلون في محيط مملوء بالصلح والصفاء وعشق الله وأنواع النعم ، ففي كل وقت تنير وجودهم نفحة ورشحة من ذات الله وصفاته ، فإنّ (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَ) وكلما التقى بعضهم بالآخر فإنّهم يتحدثون عن الصفاء والسّلام (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ) وأخيرا فإنّهم كلّما التذوا بنعم الله المختلفة شكروا ذلك (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
* * *
ملاحظات
١ ـ المقصود من لقاء الله الذي جاء في الآية الأولى ليس هو اللقاء الحسي قطعا ، بل المقصود أنّ الإنسان إضافة إلى الحصول على الثواب وعطايا الله ، فإنّه يشعر يوم القيامة بنوع من الحضور القلبي بالنسبة للذات المقدسة ، لأنّه حينئذ سيرى آيات الله وعلاماته بصورة أوضح في كل مكان ، وسيحصل على رؤية وإدراك جديد لمعرفته (١).
٢ ـ إنّ الحديث في قوله تعالى : (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ) عن هداية الإنسان في
__________________
(١) لمزيد التوضيح راجع المجلد الأوّل من تفسيرنا هذا ذيل الآية (٤٦) من سورة البقرة.