ظل الإيمان ، وهذه الهداية لا تختص بعالم الآخرة ، بل إنّ الإنسان ينجو بنور إيمانه في هذه الدنيا من كثير من الاشتباهات والخدع والأخطاء والمعاصي المتولّدة من الطمع والأنانية والأهواء ، وسوف يحدد طريقه إلى الجنّة في الآخرة في ظلّ إشعاع هذا الإيمان كما يقول القرآن : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (١).
وفي حديث عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ المؤمن إذا خرج من قبره صوّر له عمله في صورة حسنة فيقول له : أنا عملك ، فيكون له نورا وقائدا إلى الجنّة» (٢).
٣ ـ ورد في هذه الآيات : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) في الوقت الذي عبرت آيات أخرى من القرآن ب (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) ، وبتعبير آخر ، فإنّنا نقرأ في مواضع أخرى أنّ الأنهار تجري من تحت أشجار الجنّة ، أمّا هنا فإنّ الأنهار تجري من تحت أهل الجنّة!.
إنّ هذا التعبير يمكن أن يشير إلى أنّ قصور أهل الجنّة قد تكون مبنيّة على الأنهار ، وهذا يضفي عليها جمالا خارقا.
وقد يشير إلى أنّ أنهار الجنّة مسخرّة لأوامرهم وفي قبضتهم ، كما نقرأ في قصّة فرعون أنّه كان يقول : (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) (٣).
وقد احتمل كذلك أن تكون «تحت» بمعنى «بين أيدي» أي أن أنهار الماء تجري مقابلهم.
٤ ـ ممّا يلفت النظر أن آخر آية من الآيات قيد البحث تشير إلى ثلاث حالات ، أو ثلاث نعم كبيرة لأهل الجنّة :
__________________
(١) الحديد ، ١٢.
(٢) تفسير الفخر الرازي ، الجزء ١٧ ، ص ٤٠.
(٣) الزخرف ، ٥٢.