وتقول آخر آية في بيان العلة في عدم اتباع هؤلاء للحق رغم وضوح الأمر وظهور الحق : (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (١) وفي الواقع فإنّ هذه خاصية الأعمال السيئة المستمرة لهؤلاء بحيث تظلم قلوبهم وتلوث أرواحهم إلى درجة لا يرون معها الحق رغم وضوحه وتجلّيه ، ويسلكون نتيجة لذلك طريق الضلال.
بناء على ذلك ، فإنّ الآية أعلاه لا دلالة لها مطلقا على مسألة الجبر ، بل هي إشارة إلى آثار أعمال نفس الإنسان ، لكن لا شك أنّ هذه الأعمال لها تلك الخاصية بأمر الله ، تماما كما نقول لشخص : لقد قلنا لك مائة مرّة أن لا تحوم حول المواد المخدرة والمشروبات المسكرة ولا تتناولها ، لكنّك لم تصغ لنا ، فأصبحت الآن من المدمنين عليها ومحكوما بأن تبقى تعيسا لمدّة طويلة.
* * *
__________________
(١) كاف التشبيه هنا إشارة إلى المطلب الذي ذكر في آخر جملة من الآية السابقة ، ومعنى الآية هكذا : كما أنّه ليس بعد الحق إلّا الضلال ، كذلك حقّت كلمة ربّك.