نفوه الى «الرّبذة» حتى مات رحمهالله فيها.
وهناك من يحاول الدفاع عن الخليفة الثّالث ويتّهم أبا ذر أحيانا بأنّه اشتراكي ، إذ كان يرى أنّ جميع الأموال عائدة الى الله ، وكان ينكر الملكية الفردية!!
وهذا الاتهام في منتهى الغرابة ، فمع أنّ القرآن يحترم الملكية الفردية بصراحة ـ وفق شروط معينة ـ وكان أبو ذر رضى الله عنه من المقرّبين الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتربّى في حضن الإسلام والقرآن ، وما أظلت الخضراء أصدق منه ، فكيف يتهم أبو ذر بمثل هذا الاتهام؟!
إنّ قاطني الصحراء البعيدين يعرفون هذا الحكم الإسلامي ، وكانوا قد سمعوا الآيات التي تتعلق بالتجارة والإرث ، فكيف يمكن أن يصدق بأن أقرب تلامذة رسول الله كان جاهلا بهذا الحكم؟
أليس ذلك لأنّ المتعصبين الألداء من أجل تبرئة الخليفة الثّالث والأعجب من ذلك تبرئة معاوية وحكومته ـ اتهموا أبا ذرّ بمثل هذا الاتهام ، وما يزال بعض من عمي العيون صمّ الآذان يقلدون أسلافهم؟!
أجل إن أبا ذر رضى الله عنه ـ بوحي واستلهام من آيات القرآن وخاصّة آية الكنز ـ كان يعتقد ويصرّح بعقيدته أن بيت المال لا ينبغي أن يتحول الى ملكية فردية بيد الأشخاص ، ويجب ألّا يحرم المستضعفون والمحتاجون منه ، وينبغي أن ينفق في سبيل تقوية الإسلام ومصالح المسلمين ، فلا يجوز تبذير الأموال ، وأن بيت المال ليس ملكا لمعاوية وأضرابه كي يشيد بهذه الأموال القصور على شاكلة قصور الأكاسرة والقياصرة!
ثمّ إنّ أبا ذرّ كان يعتقد يومئذ أنّه بإمكان الأغنياء أن يقنعوا بما دون الإسراف ، ليواسوا إخوانهم الفقراء ، وينفقوا أموالهم في سبيل الله.
فإذا كان أبو ذر رحمهالله ذا وزر فوزره ما ذكرناه إلّا أن المؤرّخين المتملقين ، أو الذين يؤرخون للارتزاق ويبيعون دينهم بدنياهم ، غيرّوا صورة هذا الصحابي المجاهد