تامة : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ).
فقل لهم يا رسول الله ـ إن كانوا صادقين في دعواهم أنّ ما تقوله ليس من الله وأنّه من صنع الإنسان ـ فيأتوا بعشر سور مثل هذا الكلام مفتريات ، وليدعوا ـ سوى الله ـ ما شاؤوا (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
أمّا إذا لم يستجيبوا لدعوتك ولا للمسلمين ، ولم يلبوا طلبك على الإتيان بعشر سور مفتريات كسور القرآن ، فاعلموا أن ذلك الضعف وعدم القدرة دليل على أن هذه الآيات نزلت من خزانة علم الله ، ولو كانت من صنع بشر ، فهم بشر أيضا .. فلما ذا لا يقدرون على ذلك (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللهِ) واعلموا أيضا أنّه لا معبود سوى الله ، ونزول هذه الآيات دليل على هذه الحقيقة (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فهل يسلم المخالفون مع هذه الحالة (فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)؟
أي بعد ما دعوناكم للإتيان بمثل هذه السور ، وظهر عجزكم وعدم قدرتكم على ذلك ، فهل يبقى شك في أن هذه الآيات منزلة من قبل الله ، ومع هذه المعجزة البينة أمّا زلتم منكرين ، أم أنّكم تسلمون وتقرّون حقا؟!
* * *
بحوث
١ ـ من المعلوم أنّ كلمة «لعلّ» تأتي لإظهار الرجاء لعمل شيء ما وتحققه ، ولكن «لعل» هنا جاءت بمعنى النهي ، وهي تماما مثل ما يريد الأب مثلا أن ينهي ولده فيقول له : لعلك ترافق فلانا فأنت حينئذ غير مهتم للعاقبة ، فمعنى الكلام هنا : لا ترافق فلانا لأن صحبته تضرك.
إذا فعلى الرغم من أن «لعل» تفيد الرجاء ، إلّا أن المفهوم الالتزامي منها النهي عن عمل أيضا.