كَذِباً) ويعني أن تكذيب دعوة النّبي الصادق صلىاللهعليهوآلهوسلم في الواقع هو تكذيب لكلام الله وافتراء عليه بالكذب وتكذيب من لا يتحدث عن أحد سوى الله يعدّ تكذيبا لله (١).
وكما تقدم في عدّة مواضع ، فالقرآن المجيد يعبر في عديد من الآيات عن جماعة من الناس بقوله : «أظلم» في حين أنّ أعمالهم ـ كما يبدو ـ مختلفة ، ولا يمكن أن نعدّ جماعات كثيرة مع وجود أعمال مختلفة بأنّهم أظلم الناس! بل ينبغي أن يعدّ البعض ظالمين ، والبعض الآخر أظلم منهم ، وسواهما أشدّ ظلما منهما جميعا ..
ولكن ـ كما أجبنا عن هذا السؤال عدّة مرات ـ جذر جميع هذه الأعمال يعود لشيء واحد ، وهو الشرك وتكذيب الآيات الإلهية ، وهو أعظم البهتان «ولمزيد من الإيضاح يراجع ذيل الآية (٣١) من سورة الأنعام».
ثمّ يبيّن ما ينتظرهم من مستقبل مشؤوم يوم القيامة حين يعرضون على محكمة العدل الإلهي (أُولئِكَ يُعْرَضُونَ عَلى رَبِّهِمْ) حينئذ يشهد «الأشهاد» على أعمالهم وأنّ هؤلاء هم الذين كذبوا على الله العظيم الرحيم وولي النعمة ..
(وَيَقُولُ الْأَشْهادُ هؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ) ثمّ ينادون بصوت عال (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ).
ولكن من هم الأشهاد؟ أهم الملائكة ، أم الحفظة على الأعمال ، أم الأنبياء؟
للمفسّرين احتمالات وآراء ، ولكن مع ملاحظة أن آيات أخرى من القرآن تشير إلى أنّ الأنبياء هم الأشهاد ، فالظاهر أنّ المراد بالأشهاد هنا هم الأنبياء أيضا .. أو المفهوم الأوسع وهو أنّ الأنبياء وسائر الأشهاد يشهدون على «الأعمال» يوم القيامة!
__________________
(١) ما يقوله المفسّرون من أنّ المراد من هذه الجملة هو الردّ على من كان يقول : إنّ النّبي يكذب على الله ، بعيد جدّا ، لأنّ الآيات السابقة واللاحقة لا تناسب هذا التّفسير ، بل المناسب أنّها تشير إلى الكفار.