وفي الآية (٤١) من سورة النساء نقرأ قوله تعالى : (فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً).
وفي شأن السّيد المسيح عليهالسلام نقرأ في الآية (١١٧) من سورة المائدة : (وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ).
بعد هذا من القائل : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)؟ أهو الله سبحانه ، أم الأشهاد على الأعمال؟! هناك أقوال بين المفسّرين ، لكن الظاهر أنّ هذا الكلام تتمة لقول الأشهاد ..
والآية التي بعدها تبيّن صفات الظالمين في ثلاث جمل :
الأولى تقول : إنّهم يمنعون الناس بمختلف الأساليب عن سبيل الله (الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) فمرّة عن طريق إلقاء الشبهة ، ومرّة بالتهديد ، وأحيانا عن طريق الإغراء والطمع ، وجميع هذه الأساليب ترجع إلى أمر واحد ، وهو الصدّ عن سبيل الله.
الثّانية تقول : إنّهم يسعون في أن يظهروا سبيل الله وطريقه المستقيم عوجا (وَيَبْغُونَها عِوَجاً) (١).
أي بأنواع التحريف من قبيل الزيادة أو النقصان أو التّفسير بالرأي وإخفاء الحقائق حتى لا تتجلى الصورة الحقيقية للصراط المستقيم. ولا يستطيع الناس وطلاب الحق السير في هذا الطريق.
والثّالثة تقول : إنّهم لا يؤمنون بيوم النشور والقيامة (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ).
وعدم إيمانهم بالمعاد هو أساس الانحرافات ، لأنّ الإيمان بتلك المحكمة
__________________
(١) المقصود بـ «العوج» أي الملتوي ، وقد بيّنا شرح ذلك في ذيل الآية (٤٥) من سورة الأعراف وينبغي الالتفات إلى أنّ الضمير في «يبغونها» يعود على سبيل الله فهي مؤنث مجازي ، أو بمعنى الجادة والطريقة ، فهي مؤنث لفظي ، ونقرأ في سورة يوسف عليهالسلام الآية (١٠٨) (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ).