الكبرى والعالم الوسيع بعد الموت يفعل الطاقات الايجابية الكامنة في النفس والروح.
ومن الطّريف أنّ جميع هذه المسائل تجتمع في مفهوم «الظلم» لأنّ المفهوم الواسع لهذه الكلمة يشمل كل انحراف وتغيير للموضع الواقعي للأشياء والأعمال والصفات والعقائد.
في الآية التالية يبيّن أنّ هؤلاء لا يستطيعون الهرب من عقاب الله في الأرض ولا أن يخرجوا من سلطانه (أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) كما أنّهم لا يجدون وليّا وحاميا لهم غير الله (وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ).
وأخيرا يشير سبحانه إلى عقوبتهم الشديدة حيث تكون مضاعفة (يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ).
لماذا؟! لأنّهم كانوا ضالين ومخطئين ومنحرفين ، وفي الوقت ذاته كانوا يجرّون الآخرين إلى هذا السبيل ، فلذلك سيحملون أوزارهم وأوزار الآخرين ، دون التخفيف عن الآخرين من أوزارهم (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) (١).
وهناك أخبار كثيرة في أن «من سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ، ومن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها».
وفي ختام الآية يبيّن الله سبحانه أساس شقاء هؤلاء بقوله : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ).
فهم في الحقيقة بإهمالهم هاتين الوسيلتين المؤثرتين [وسيلتي السمع والبصر] لدرك الحقائق ، ضلّوا السبيل وأضلّوا سواهم أيضا .. لأنّ الحق والحقيقة لا يدركان إلّا بالسمع والبصر النافذ.
ومن الطريف هنا أنّنا نقرأ في الآية أنّهم ما كانوا يستطيعون السمع ، أي استماع الحق، فهذا التعبير يشير إلى الحالة الواقعية التي هم فيها ، وهي أنّ استماع الحق
__________________
(١) العنكبوت ، ٢٣.