عندهم» وكان معارضا للسنن والآداب الخرافية في محيطه ، فإذا كان هذا هو الجنون فينبغي أن نعدّ جميع المصلحين والثائرين على الأساليب الخاطئة مجانين.
وليس هذا جديدا ، فالتاريخ السالف والمعاصر مليء بنسبة الجنون إلى الأشخاص الثائرين على الخرافات والعادات السيئة والمواجهين للاستعمار ، والنافضين أثواب الأسر.
على كل حال ، فإنّ على هود أن يردّ على هؤلاء الضالّين اللجوجين ردا مقرونا بالمنطق ، من منطلق القوّة أيضا .. يقول القرآن في جواب هود لهم (قالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
يشير بذلك إلى أنّ الأصنام إذا كانت لها القدرة فاطلبوا منها هلاكي وموتي لمحاربتي لها علنا فعلام تسكت هذه الأصنام؟ وماذا تنتظر بي؟
ثمّ يضيف أنّه ليست الأصنام وحدها لا تقدر على شيء ، فأنتم مع هذا العدد الهائل لا تقدرون على شيء ، فإذا كنتم قادرين (فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ).
فأنا لا ترد عني كثرتكم ولا أعدها شيئا ، ولا أكترث بقوتكم وقدرتكم أبدا ، وأنتم المتعطشون لدمي ولديكم مختلف القدرات ، إلّا أنني واثق بقدرة فوق كل القدرات ، و (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ).
وهذا دليل على أنّني لا أقول إلّا الحق والصدق ، وأن قلبي مرتبط بعالم آخر ، فلو فكرتم جيدا لكان هذا وحده معجزا حيث ينهض إنسان مفرد وحيد بوجه الخرافات والعقائد الفاسدة في مجتمع قوي ومتعصب ، لكنّه في الوقت ذاته لا يشعر في نفسه بالخوف منهم ، ولا يستطيع الأعداء أن يقفوا بوجهه! ثمّ يضيف : لستم وحدكم في قبضة الله ، فإنّه (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) ، فما لم يأذن به الله ، لا يستطيع أحد أن يفعل شيئا.
ولكن اعلموا أيضا أنّ ربّي القدير ليس كالاشخاص المتقدرين الذين يستخدمون قدرتهم للهوي واللعب والأنانية وفي غير طريق الحق ، بل هو الله