مناسبا لهم لا في العالم الآخر بل في هذه الدنيا كان عذابهم خشنا وعقابهم صارما ، كما مرّ في تفسير السور الآنفة الذكر.
ثمّ تلخّص الآيات ذنوب قوم عاد في ثلاثة مواضيع :
الأوّل : بإنكارهم لآيات الله وعنادهم أيضا لم يتركوا دليلا واضحا وسندا بيّنا على صدق نبوة نبيّهم إلّا جحدوه (وَتِلْكَ عادٌ جَحَدُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ).
والثّاني : إنّهم من الناحية العملية لم يتّبعوا أنبياء الله (وَعَصَوْا رُسُلَهُ) وإنّما جاءت الرسل بصيغة الجمع ، إمّا لأن جميع دعوات الأنبياء هي نحو حقيقة واحدة وهي «التوحيد: وفروعه» فإنكار دعوة نبي واحد يعدّ إنكارا لجميع الأنبياء ، أو أن هودا دعاهم للإيمان بنبوة الأنبياء السابقين أيضا ،؟ وكانوا ينكرون ذلك.
والثّالث من الذنوب : إنهم تركوا طاعة الله ومالوا لكل جبار عنيد (وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ).
فأيّ ذنب أعظم من هذه الذنوب : ترك الإيمان ، ومخالفة الأنبياء ، والخضوع لطاعة كل جبار عنيد.
و «الجبار» يطلق على من يضرب ويقتل ويدمر من منطلق الغضب ولا يتبع أمر العقل ، وبتعبير آخر هو من يجبر سواه على أتباعه ويريد أن يغطي نقصه بادعاء العظمة والتكبر الظاهري.
و «العنيد» هو من يخالف الحق والحقيقة أكثر ممّا ينبغي ، ولا يرضخ للحق أبدا. هاتان الصفتان تتجلّيان في الطواغيت والمستكبرين في كل عصر وزمان ، الذين لا يستمعون لكلام الحق أبدا ويعمدون الى من يخالفهم بانزال أشد انواع العقاب به بلا رحمة.
هنا يرد سؤال : إذا كان الجبار يعطي هذا المعنى فلما ذا ذكرت هذه الصفة لله ، كما في سورة الحشر الآية (٢٣) وسائر المصادر الإسلامية.
والجواب هو أنّ «الجبار» ـ كما أشرنا آنفا ـ مشتق إمّا من «الجبر» بمعنى القوّة