بذبح إسماعيل ، وذهب بابنه الى المذبح وتلّه للجبين ، فعند ما اظهر إسماعيل استعداده للذبح ظهر البداء الالهي وظهر انّ هذا الأمر امتحان لكي يرى الله تعالى مستوى الطاعة والتسليم عند ابراهيم عليهالسلام.
٤ ـ ونقرا في سيرة موسى عليهالسلام انّه امر ان يترك قومه اوّلا ثلاثين يوما ويذهب الى مكان الوعد الالهي لاستلام احكام التوراة ، لكن المدّة زادت عليها عشرة ايّام اخرى (وذلك امتحانا لبني إسرائيل).
هنا يأتي هذا السؤال : ما هي الفائدة من هذه البداءات؟
الجواب على هذا السؤال ليس صعبا بالنظر الى ما قلناه سابقا ، لانّه تحدث مسائل مهمّة ـ أحيانا ـ مثل امتحان شخص مع قومه ، او تأثير التوبة والرجوع الى الله (كما في قصّة يونس) او تأثير الصدقة ومساعدة المحتاجين وعمل الخير ، كلّ ذلك يؤدّي الى دفع الحوادث المفجعة وأمثالها ، وهذا يعني انّ الحوادث المستقبلية قد نظّمت بشكل خاص ثمّ تغيّرت الشرائط فأصبحت شيئا آخر ، حتّى يعلم الناس انّ مصيرهم بأيديهم ، وهم قادرون ان يغيّروا مصيرهم من خلال تغيير سيرتهم وسلوكهم ، وهذه اكبر فائدة نلمسها من البداء «فتدبّر».
فما ورد من انّ أحدا إذا لم يعرف الله بالبداء لم يعرفه معرفة كاملة ، فهي اشارة لتلك الحقائق.
عن الامام الصادق عليهالسلام قال : «ما بعث الله عزوجل نبيّا حتّى يأخذ عليه ثلاث خصال : الإقرار بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وانّ الله يقدّم ما يشاء ويؤخّر ما يشاء» (١).
وفي الحقيقة انّ اوّل عهد مرتبط بالطاعة والتسليم لله. وثاني عهد محاربة الشرك ، والثّالث مرتبط بمسألة البداء ، ونتيجته انّ مصيره بيده ، فيستطيع ان يغيّر الشروط فيشمله اللطف او العذاب الالهي.
الملاحظة الاخيرة في هذا المجال .. يقول علماء الشيعة : انّنا حينما ننسب
__________________
(١) اصول الكافي ، المجلّد الاوّل ، صفحة ١١٤ ـ سفينة البحار ، المجلّد الاوّل ، صفحة ٦١.