النفسية ، بحيث يجعل الميل المفرط والرغبة الجامحة لأمر ما ـ وخاصّة مع اقترانهما بالرذائل الاخلاقية ـ غشاوة على احساس الإنسان ، فتنقلب عنده الحقائق وتتغير صورها.
لذا فإنّ القضاء الصحيح وادراك الواقعيّات العينيّة ، لا يمكن لها ان تتحقق دون تهذيب النفس ، وإذا كانت العدالة شرط في القاضي فإنّ هذا الأمر واحد من أسبابها ... وإذا كان القرآن الكريم يقول في الآية (٢٨٢) من سورة البقرة (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) فذلك اشارة الى هذه الحقيقة ايضا.
٥ ـ الكذاب عديم الحافظة
قصّة يوسف ـ وما جرى له مع اخوته ـ تثبت مرّة اخرى هذا الأصل المعروف الذي يقول : انّ الكذاب لا يستطيع ان يكتم سرّه دائما ، لانّ الواقعيات العينية حين تظهر الى الوجود الخارجي تظهر ومعها روابط ـ اكثر من ان تعدّ ـ مع موضوعات اخرى تدور حولها ، وإذا أراد الكاذب ان يهيئ مناخا لمسألة غير واقعية فإنّه لا يستطيع ان يحفظ هذه الروابط مهما كان دقيقا.
ولنفرض انّه يستطيع ان يؤلف بين عدد من الروابط الكاذبة في حادثة ما ، ولكن المحافظة على هذه الروابط المصطنعة في ذهنه ليست عملا هيّنا ، فإنّ اقل غفلة منه تسبب وقوعه في التناقض ، فتتسبب هذه الغفلة في فضيحة صاحبها وتكشف الأمر الواقعي ... وهذا درس كبير لمن يريد المحافظة على ماء وجهه ومكانته في المجتمع ان لا يلجأ الى الكذب فيتعرض موقعه الاجتماعي للخطر وينزل عليه غضب الله.
٦ ـ ما هو الصبر الجميل؟
الصبر امام الحوادث الصعبة والأزمات الشديدة يدلّ على قوة شخصية الإنسان ، وعلى سعة روحه بسعة ما تتركه هذه الحوادث فلا يتأثر ولا يهتز لها.