وكتب عقب انصرافه من غرناطة في بعض قدماته عليها ما نصّه (١) : «ممّا قلته بديهة عند (٢) الإشراف على جنابكم السعيد ، وقدومي (٣) مع النّفر الذين أتحفتهم السيادة (٤) سيادتكم (٥) بالإشراف عليه ، والدخول إليه ، وتنعيم الأبصار في المحاسن المجموعة لديه ، وإن كان يوما قد غابت شمسه ، ولم يتّفق أن كمل أنسه ؛ وأنشده حينئذ بعض من حضر ، ولعلّه لم يبلغكم ، وإن كان قد بلغكم (٦) ففضلكم يحملني في (٧) إعادة الحديث (٨) : [الطويل]
أقول وعين الدّمع (٩) نصب عيوننا |
|
ولاح لبستان الوزارة جانب |
أهذي سماء أم بناء سما به |
|
كواكب غضّت عن سناها الكواكب |
تناظرت الأشكال منه تقابلا |
|
على السّعد وسطى عقده والجنائب (١٠) |
وقد جرت الأمواه فيه مجرّة |
|
مذانبها شهب لهنّ ذوائب |
وأشرف من علياه (١١) بهو تحفّه |
|
شماسي زجاج وشيها متناسب |
يطلّ على ماء به الآس دائرا |
|
كما افترّ ثغر أو كما اخضرّ شارب |
هنا لك ما شاء العلى من جلالة |
|
بها يزدهي بستانها والمراتب |
ولما أحضر الطعام هنا لك ، دعي شيخنا القاضي أبو البركات (١٢) إلى الأكل ، فاعتذر بأنه صائم ، قد بيّته من الليل ، فحضرني أن قلت (١٣) : [المتقارب]
دعونا الخطيب أبا البركات |
|
لأكل طعام الوزير الأجلّ |
__________________
(١) النص نثرا وشعرا في الكتيبة الكامنة (ص ٢٤٤ ـ ٢٤٥). ونفح الطيب (ج ٨ ص ١٧٤ ـ ١٧٥).
(٢) في الكتيبة : «حين».
(٣) في المصدرين : «ودخوله».
(٤) كلمة «السيادة» غير واردة في المصدرين.
(٥) في الكتيبة : «سيادتك».
(٦) في الكتيبة : «بلغ».
(٧) في الكتيبة : «على».
(٨) الأبيات أيضا في ديوان ابن خاتمة (ص ١٨٥).
(٩) عين الدمع : كان من عجيب مواضع غرناطة ، وهو عبارة عن جبل فيه الرياض والبساتين ، ويتصل بجبل الفخار. راجع مملكة غرناطة في عهد بني زيري البربر (ص ٣٨) ففيه دراسة مفصّلة عن هذا الموضع.
(١٠) في الديوان والنفح : «والحبائب».
(١١) في الأصل : «علياء» والتصويب من الديوان والنفح. وفي الكتيبة «أعلاه فهو تحفّه شماس زجاج ...».
(١٢) هو محمد بن محمد بن إبراهيم ، المشهور بابن الحاج البلفيقي ، المتوفّى سنة ٧٧٣ ه ، أو ٧٧١ ه.
وسيترجم له ابن الخطيب في الجزء الثاني من الإحاطة ، وأشرنا هناك إلى مصادر ترجمته.
(١٣) الأبيات في ديوان ابن خاتمة (ص ١٨٦) والكتيبة الكامنة (ص ٢٤٥) ونفح الطيب (ج ٨ ص ١٧٥).