بسطة ، فأخذ بمخنّقه (١) ، ونشر الحرب عليه (٢) ، ورمى بالآلة العظمى المتخذة بالنفط كرة حديد محماة طاق (٣) البرج المنيع من معقله ، فاندفعت يتطاير شررها ، واستقرّت بين محصوريه ، فعاثت عياث الصواعق السموية ، فألقى الله الرعب في قلوبهم ، وأتوا بأيديهم ، ونزلوا قسرا على حكمه في الرابع والعشرين من الشهر ، وأقام بظاهره ، فصيّره دار جهاد ، وعمل في خندقه بيده ، وانصرف ، فكانت غزاة جمّة البركة عظمت بها على الشرق الجدوى ، وأنشد الشعراء في هذه الوجهة قصائد أشادت بفضلها ، وشهرت من ذكرها ، فمن ذلك عن كاتب سرّه (٤) قوله (٥) : [الكامل]
أمّا مداك فغاية لم تلحق (٦) |
|
أعيت على غرّ الجياد السّبق (٧) |
ورفع إليه شيخنا الحكيم أبو زكريا بن هذيل ، قصيدة أولها (٨) : [الطويل]
بحيث القباب (٩) الحمر والأسد الورد |
|
كتائب سكان السماء لها جند |
أنشدني منها في وصف النفط قوله :
وظنّوا بأنّ الصّعق (١٠) والرّعد في السما |
|
فحاق بهم من دونها الصّعق والرّعد |
غرائب أشكال سما هرمس بها |
|
مهنّدة (١١) تأتي الجبال فتنهدّ |
ألا إنها الدنيا تريك عجائبا |
|
وما في القوى منها فلا بدّ أن يبدو |
وفي (١٢) العاشر لشهر رجب من عام خمسة وعشرين وسبعمائة ، تحرّك للغزو (١٣) بعد أخذ الأهبة والاستكثار والاجتهاد للمطوعة ، وقصد مدينة مرتش العظيمة الساحة ، الطيبة البقعة ، فأضرب بها المحلّات وكان القصد (١٤) إجمام الناس ، فصوّب (١٥) الحشود ووجّهها إلى ما بها من بحر (١٦) الكروم والملتفّات ، وأدواح
__________________
(١) في اللمحة : «بمخنقها».
(٢) في اللمحة : «عليها».
(٣) في اللمحة : «طاقة».
(٤) كاتب سرّه : هو الحكيم أبو زكريا بن هذيل كما جاء في اللمحة البدرية.
(٥) البيت في اللمحة البدرية (ص ٨٦).
(٦) في اللمحة البدرية : «لم تسبق».
(٧) جاء في اللمحة البدرية بعد هذا البيت ، البيت التالي :
فاشرح بسعدك كل معنى مشكل |
|
وافتح بسيفك كل باب مغلق |
(٨) الأبيات في اللمحة البدرية (ص ٨٥).
(٩) في اللمحة : «البنود».
(١٠) في اللمحة : «بأن الرعد والصعق ...».
(١١) في اللمحة : «مهندمة».
(١٢) النص في اللمحة البدرية (ص ٨٦).
(١٣) في اللمحة : «إلى الغزو ، وأخذ الأهبة ...».
(١٤) في اللمحة : «قصده».
(١٥) في اللمحة : «فصرفت».
(١٦) في اللمحة : «شكر».