الأشجار ، فأمعنوا في إفسادها ، وبرز حاميتها ، فناشبت الناس القتال ، فحميت النفوس ، وأريد منع الناس ، فأعيا أمرهم وسال منهم البحر ، فتعلّقوا بالأسوار ، وقيل للسلطان : بادر بالركوب ، فقد دخل الرّبض (١) ، فركب ووقف بإزائها ، فدخل البلد (٢) عنوة ، واعتصم أهله بالقصبة ، فدخلت أيضا القصبة عنوة ، وانطلقت أيدي الغوغاء على من بها من ذكر وأنثى كبيرا أو صغيرا (٣) ، فساءت القتلة ، وقبحت الأحدوثة ، ورفعت من الغد آكام من الجثث صعد ذراها المؤذّنون ، وقفل إلى غرناطة بنصر لا كفاء (٤) له ، فكان (٥) دخوله من هذه الغزاة في الرابع والعشرين لرجب المذكور.
وفاته : ولما (٦) فصل من مرتش نقم على أحد الرؤساء من قرابته ، وهر ابن عمّه محمد بن إسماعيل ، المعروف بصاحب الجزيرة ، أمرا تقرّعه عليه ، وبالغ في الإهمال له (٧) ، وتوعّده بما أثار حفيظته ، فأقدم عليه بالفتكة الشّنعاء التي ارتكبها منه بباب قصره ، بين عبيده وأرباب دولته (٨) ، آمن ما كان سربا ، وأعزّ سلطانا (٩) وجندا ؛ وذلك يوم الاثنين ثالث يوم من دخوله من مرتش ، بعد أن عاهد في الأمر جملة من القرابة والخدّام ، فوثب به ، وهو مجتاز بين السّماطين من ناسه إلى مجلس (١٠) كان يجلس فيه للناس ، فاعتنقه وانتضى (١١) خنجرا كان ملصقا في ذراعه ، فأصابه بجراحات ثلاث ؛ إحداهنّ في عنقه ، بأعلى ترقوته ، فخرّ صريعا. وصاح بكر وزيره ، فعمّته سيوف الحاضرين من أصحاب الفاتك ، ووقعت الرّجّة ، وسلّت السيوف ، وتشاغل كلّ بمن يليه ، واستخلص السلطان من يديه ، وحيل بينه وبينه ؛ وحين تشاغل القوم بالوزير ، رفع السلطان وظنّ أنه قد أفلت جريحا ، فوقع البهت ، وبادروا الفرار ، فسدّت المذاهب ، فقتلوا حيث وجدوا. وأخذت الظّنّة قوما من أبريائهم ، فامتحنوا (١٢) ، ونهب (١٣) الغوغاء دورهم ، وعلّقت بالجدران أشلاؤهم ، وكان يوما عصيبا ، وموقفا صعبا ، واحتمل السلطان إلى بعض دور قصره ، وبه صبابة روح ، أشبه
__________________
(١) في اللمحة : «البلد».
(٢) في اللمحة : «الحصن».
(٣) في اللمحة : «صغير أو كبير».
(٤) في الأصل : «لا كفا» والتصويب من اللمحة البدرية.
(٥) في اللمحة : «وكان».
(٦) النص في اللمحة البدرية (ص ٨٧ ـ ٨٨).
(٧) في اللمحة : «وبالغ في تأنيبه ، وتوعّده ...».
(٨) قوله : «وأرباب دولته» ساقط في اللمحة البدرية.
(٩) في اللمحة : «وأعزّ نفرا وأمكن امتناعا ، غدوة يوم الاثنين الثالث من يوم دخوله ...».
(١٠) في اللمحة : «إلى مجلس القعود الخاص ، فاعتنقه ...».
(١١) في اللمحة : «وسلّ».
(١٢) في اللمحة : «فاستحلفوا».
(١٣) في اللمحة : «ونهبت».