إني كتمت عن الأنام هواكم |
|
حتى دهيت وخانني الكتمان |
ووشت بحالي عند ذاك (١) مدامع |
|
أدنى مواقع قطرها طوفان |
وبدت عليّ شمائل عذريّة |
|
تقضي بأني فيكم هيمان |
فإذا نطقت فذكركم لي منطق |
|
ما عن (٢) سواكم للّسان بيان |
وإذا صمتّ فأنتم سرّي الذي |
|
بين الجوانح في الفؤاد يصان |
فبباطني وبظاهري لكم هوى |
|
من جنده الإسرار والإعلان |
وجوانحي (٣) وجميع أنفاسي وما |
|
أحوي ، عليّ لحبّكم أعوان |
وإليكم مني المفرّ فقصدكم |
|
حرم به للخائفين أمان |
وقال يذمّ الدنيا ويمدح عقبى من يقلّل منها : [الطويل]
حديث الأمان في الحياة شجون |
|
إن ارضاك شأن أحفظتك شؤون |
يميل إليها جاهل بغرورها |
|
فمنه اشتياق نحوها وأنين |
وذو الحزم ينبو عن حجاه فحالها |
|
يقيه إذا شكّ عراه يقين |
إليك صريع الأمن سنحة ناصح |
|
على نصحه سيما الشّفيق تبين |
تجاف عن الدّنيا ودن باطّراحها |
|
فمركبها بالمطمعين حرون |
وترفيعها خفض وتنعيمها أذى |
|
ومنهلها للواردين أجون |
إذا عاهدت خانت وإن هي أقسمت |
|
فلا ترج برّا باليمين يمين |
يروقك منها مطمع من وفائها |
|
وسرعان ما إثر الوفاء تخون |
وتمنحك الإقبال كفّة حابل |
|
ومن مكرها في طيّ ذاك كمين |
سقاه ، لعمر الله ، إمحاضك الهوى |
|
لمن أنت بالبغضاء فيه قمين (٤) |
ومن تصطفيه وهو يقطعك القلا |
|
وتهدى له الإعزاز وهو يهين |
ألا إنّها الدنيا فلا تغترر بها |
|
ولود الدّواهي بالخداع تدين |
يعمّ رداها الغرّ والخبّ ذا الدّها |
|
ويلحق فيها بالكناس عرين |
وتشمل بلواها نبيلا وخاملا |
|
ويلقى مذال غدرها ومصون |
أبنها ، لحاها الله ، كم فتنة لها |
|
تعلّم صمّ الصّخر كيف يلين |
__________________
(١) في الكتيبة : «في الغرام» بدل : «عند ذاك».
(٢) في الكتيبة : «لي».
(٣) في الكتيبة : «وجوارحي».
(٤) القمين : الخليق ، الجدير : محيط المحيط (قمن).