__________________
ـ المشرفي. وورث على والده مشيخة الزاوية ، وأصبح من علماء الظاهر والباطن ، وكثر عليه طلاب العلم ، ومريدو الطريقة والتصوف ، واشتهر بالصلاح وسداد الرأي ، وغزارة العلم والمعرفة كما اشتهر بمقاومته لسياسة القسوة ، والظلم ، التي يتبعها بعض الحكام ، ولذلك وشى به بعض خصومه إلى الباي حسن بن موسى بوهران ، وأشاروا عليه بأن يرحله إلى هناك ليكون تحت رقابته الفعلية ، فامتثل وانتقل بأسرته إلى هناك وصحب معه ابنه الشاب عبد القادر ، وذلك عام ١٢٣٦ ه (١٨٢١ م). وبقي بوهران أربع سنوات كاملة حتى عام ١٢٤١ ه (١٨٢٥ م). وخلال إقامته هناك بعث إليه أحد تلاميذه المخلصين له وهو الشيخ السنوسي بن عبد القادر الراشدي الدحاوي قصيدة شعرية يسلّيه بها ، ويخفف عليه آلام الغربة ، وفراق الأهل ، وممّا جاء فيها :
عوّل على الصبر لا تفزعك أشجان |
|
ولا ترعك بما فاجتك وهران |
أما هي الدار لا تؤمن غوائلها |
|
بلى هي الدار أغيار وأحزان |
شبت على الغدر لم تعطف على أحد |
|
إلا ومن غدرها صد وهجران |
ما أنت أول من أدهت وآخرهم |
|
ولا بأوسط من خانته أزمان |
انظر إلى يوسف الصديق كم لبثت |
|
في السجن ذاته ما وافته خلان |
وانظر إلى ابن رسول الله ثم إلى |
|
هلمّ جرّا وما لاقاه عثمان |
تلك العوائد أجراها على قدر |
|
مدبر الأمر مهما شاء ديان |
لم يثقفوك أمحي الدين عن زلل |
|
رأوا ولكن أغوى القوم شيطان |
إلى أن يقول :
بل لا عليك وإن ساءت ظنونهم |
|
سيهزم الجمع أو ينفض ديوان |
إن العواقب في القرآن ثابتة |
|
للمتقين وصدق القول قرآن |
وأنت ما زلت تهدينا إلى سنن |
|
تهدي إلى الحق لم يثنك طغيان |
تقرى الضيوف وتسعى في حوائجهم |
|
وتحمل الكل لا غش ولا ران |
وعندما تأكد الباي حسن بو موسى ، من بطلان الوشاية ، وكذبها رفع عنه الإقامة الجبرية ، وأذن له في الذهاب إلى الحج ، فشد الرحال صحبة ابنه عبد القادر برا إلى تونس ، وبحرا إلى مصر ، والحجاز ، واستغرقت رحلتهما عامين وزيادة ، وأديا مناسك الحج ثلاث مرات ، وزارا معظم عواصم المشرق ومنها بغداد التي جدد فيها الشيخ محي الدين أخذ الطريقة القادرية الجيلانية ، ولبس الخرقة ، ثم قفلا راجعين إلى الوطن برا عبر مصر ، وبرقة حيث زارا قبر والده الشيخ مصطفى بعين غزالة قرب درنة ثم واصلا ـ