قابس وفده بالطاعة وابن جلول صاحب توزر وابن عابد صاحب قفصة وصاحب الحامة وصاحب نفطة كلهم بايعوه بوهران رغبة ورهبة وأدّوا بيعة ابن ثابت صاحب طرابلس لبعد داره ثم قدم في أثرهم يوسف بن منصور صاحب الزّاب ومعه كبير الذواودة يعقوب بن علي فأوسع الكل كرمه وجوائزه وعين القهارمة لإتمام البرجين المذكورين والعمالة والولاة وفي ذلك قال الحافظ أبو راس في سينيته :
ثامن قرن قدمها المريني أبو |
|
حسن ثمت بيعة طرابلس |
بنا بها الأحمر ففاق كل بنا |
|
ثم بنا الثاني حذو سفن المرس |
ثم ارتحل يجرّ الأمم قاصدا إفريقية فمرّ على كل بلدة ومكان في أمن وأمان إلى أن دخل تونس في يوم مشهود يقلّ مثله بعده في الوجود ، ومعه شيخ الموحدين بتونس أبو محمد بن تافركين بجنود عظام فبايعه بها خمسون ملكا ووافق ذلك موت الحاجب لتعلقات العلم وجامع أشتات النثر والنظم وإمام المصنفين بحكم أقرانه الراشدة العلامة ابن هارون أحد شارحي ابن الحاجب وشيخ ابن عرفة وزوجته في ليلة واحدة ، فقدم السلطان لما حضر جنازتهما للصلاة عليهما أبا عبد الله السبطي صاحب الفتوى بالمجلس الذي أولاده مشهورون بأولاد السّبطي للآن بفاس. ولما حلّ بتونس اندفع إليه الشعراء بها يهنونه بالفتح وكان سابقهم في تلك النوبة أبو القاسم الرحوي من ناشئة أهل الأدب فرفع / إليه قصيدة بائية محتوية على ثمان وستين بيتا مطلعها : (ص ١١٨)
أجابك شرق إذ دعوت ومغرب |
|
فمكّة هشّت للقاء ويثرب |
ونادتك مصر والعراق وشامه |
|
بدارا فصدع الدين عندك يشعب |
وحيّتك أو كادت تحيّي منابر |
|
عليها دعاة الحق باسمك تخطب |
وانظر تمامها إن شئت في ترجمان العبر أو دليل الحيران.
ثم غزى (كذا) من تونس العرب بالقيروان بعد صلاة عيد الأضحى فوافاهم في الفرح بين بسيط تونس وبسيط القيروان المسمى بالثنية فأجفلوا أمامه وقاتلوه منهزمين وهو في اتباعهم إلى أن حلّ بالقيروان ورأوا أن لا ملجأ منه فاتفقوا على الاستماية (كذا) ودسّ إليهم من عسكر السلطان بنوا عبد الواد ومغراوة وتجين