وجدّدوا له البيعة وارتحل من حينه لتلمسان فدخلها أوائل سنة تسع وثمانين منه (١) وأقام بملكه فسمع ابنه أبو تاشفين وهو بتيطرى فجاءه مغلغلا قبل تمام الأمر فدخل عليه وأحيط به ففرّ للصومعة واستعصم فسأل عنه فأخبر به فأخرجه منها وأدركه الندم وبكا (كذا) ثم عاد به للقصر وربطه مع حجرة أعوذ بالله من هذا العقوق فخلع أبوه نفسه وسلم له في الملك وسأل منه التوجه للمشرق في البحر بقصد الحج فجاء به لوهران وركبه من مرساها مع نصارى القطلان مكبّلا للإسكندرية فلما وصل بجاية سأل من رايس السفينة إخراجه لها فأخرجه ولما حلّ بها جددت له البيعة وجاء متوجها لتلمسان مستجيشا كل من ببلدة الشرقية من عرب وزناتة ثم ذهب مع الصحراء إلى ناحية المغرب فنزل بوادي زا ثم جاء لتلمسان وفرّ أبو تاشفين أمامه لفاس خائفا عاديته لأمور وقعت منه في إخوته فاستجاش بني مرين فبعث معه السلطان أبو العباس أحمد المريني زيان بن محمد الوطاسي بجيوش عظيمة وجاءوا لتلمسان فلقيهم أبو حمّ بجيشه بجبل بني ورنيد فاقتتلوا شديدا وكبّ به فرسه فاستشهد رحمهالله بموضع يقال له الغيران من بني ورنيد غرة ذي الحجة الحرام سنة إحدى وتسعين وسبعمائة (٢) عن ثمان وستين سنة بعد ما ملك إحدى وثلاثين سنة. وهذا العجب الكبير في ملوك بني زيان كل خليفة اسمه أبي (كذا) حمّ يقتله ولده اسمه أبي (كذا) تاشفين على الرئاسة. ثم ابنه أبو تاشفين عبد الرحمن بن أبي حم موسى بن يوسف الزياني أحد الأعياص فهو تاسع الزيانيين وثالث عشر القاسميين. فاستقرّ في الملك ودوخ البربر والعربان وملك من ملوية إلى جبل الزبان. وكان عين الجود والكرم ومعدن النزاهة وعلو (ص ١٣٠) الهمم ، فهو ليث النزال ، وغيث النوال ، / فشمل الرعية عدله وأمانه ، وعمهم فضله وامتنانه وتوفي على سرير ملك سابع عشر ربيع الثاني وقيل رمضان سنة خمس وتسعين من الثامن (٣).
__________________
(١) الموافق ١٣٨٧ م.
(٢) الموافق ٢١ نوفمبر ١٣٨٩ م.
(٣) الموافق ٢ مارس ١٣٩٣ م.