ما بين كلميتوا وجبل عياشة أحد بطون مغراوة. ونهر المغرب الأدنا مجردة يصب في البحر الرومي عند بنزرت على مرحلة من تونس. ثم قال صاحب بهجة الناظرين وآية المستدلين ، أن عدد أنهار الدنيا الكبار مائتان وسبعون نهرا. وعدد العيون الكبار مائتان وثلاثون عينا وهي في الأرض كالعرق في البدن. وقال صاحب الخريدة أنّ بهذا الرّبع المسكون مائتي نهر كل نهر منها طوله خمسون فرسخا إلى ألف فرسخ. فمنها ما يجري من المشرق إلى المغرب وعكسه ومنها ما يجري من الشمال إلى الجنوب وعكسه وكلها تنبع من الجبال وتصب في البحر. فمن الأنهار العظيمة بالمشرق النيل ، والفرات ، والدجلة ، وسيحون ، وجيحون ، وأن النيل المبارك ليس في الدنيا أطول منه لأنه مسيرة شهرين في الإسلام ، وشهرين في الكفر ، وشهرين في البرية ، وأربعة أشهر في الخراب ، (ص ١٤٢) / ومخرجه من جبل القمر خط الاستواء. وسمي بذلك لأن القمر لا يطلع على ذلك الجبل أصلا لخروجه عن الخطّ ، وميله عن نوره وضوئه ، فيخرج من بحر الظلمات من تحت جبل القمر وأنه ينبع من اثنتا عشرة عينا ، وقيل مبدؤه من خلف خط الاستواء بإحدى عشر درجة. وذهب بعضهم إلى أن مجراه من جبال الثلج وهي بجبل قاف. وأنه يخترق البحر الأخضر بقدرة الله تعالى ويمرّ على معادن الذهب والياقوت فيسير ما شاء الله إلى أن يأتي لبحيرة الزنج. قال حاكيه ولو لا دخوله في البحر المالح واختلاطه به لما كان يستطاع أن يشرب منه لشدة حلاوته وأنّ الله تعالى سخر للنيل كل نهر على وجه الأرض في المشرق والمغرب وذلّله له فإذا أراد الله تعالى أن يجري نيل مصر أمر كل نهر أن يمده فإذا انتهى جريه إلى ما قدّره الله تعالى أمر كل نهر أن يجري إلى عنصره. ومصداق هذا أنك ترى النيل مخالفا لكل نهر على وجه الأرض لأنه يزيد إذا نقصت وينقص إذا زادت لأنها تمدّه بما بها والله أعلم. قال صاحب الخريدة وقد حملت الشياطين مقرس الأول وهو عبقام إلى هذا الجبل فرأى النيل كيف يخرج من البحر الأسود ومن تحت جبل القصر فبنا (كذا) في صفح (كذا) ذلك الجبل قصرا فيه خمس وثمانون تمثالا من نحاس جعلها جامعة لما يخرج من هذا الماء من هذا الجبل بقدر مصاب في أحكام مديدة يجري الماء منه إلى تلك التماثيل فيخرج من حلوقها على قياس معلوم وأذرع قدرها ثمانية عشر ذرعا في كل ذراع