المسلمون ثانيا وهو أمام جيشه المنصور كالأسد الهصور إلى باب وهران فجيء عنده الوطيس وتسابقت للتقدم الفرسان. وفي تلك المعركة قتل الباي شعبان ، رحمه برحمته الرحمان ، وأمدّه رضوانه ، وأسكنه بالفردوس ميطانه. وذلك سنة ثماني وتسعين وألف (١) من هجرة من له كل العز والشرف والوصف ، فلقد كان من أسد الإسلام ، الناصر لأهله على اللئام (كذا) حتى جرى للغاية المحمودة (ص ١٦٨) فأدركها وأزعج السواكن للأجر / وحركها وكل من عمل في هذا السبيل مطيته رسميا ورملا فله الأجر لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا ، ولا يخيّب لراجيه أملا. ولما قتل بقيت جثته بأيديهم على وجه التّراب فجزّوا رأسه وعلّقوه بالباب. وقد أخذ المسلمون الجثّة وتركوا الرأس لما لم يقدروا على الرجوع إليه ، فرأى بعض النصارى باليل (كذا) النور يسطع عليه فأخبر بطريقهم وحينئذ بعثوه للمسلمين فجعلوه مع جسده في الحين ، ودفنوه خارج وهران ، وقبره للآن يعرف بقبر سيدي شعبان. وكان على ضريحه قبّة عالية ، ولما سكن بجواره بعض النصارى الآن وملك تلك الأرض هدمها لما صارت بالية. وقال الحافظ أبو زيد عبد الرحمن الجامعي علي الحلفاوي في قوله الناير ، أنه حمل ودفن بالجزائر والله أعلم بالمراد ، وإليه الرجعا (كذا) والمعاد. ويقال أن الذي قتله هو أحد المغطسين أبو نصابية من النصاصيب الذين منهم كل ظالم وفاجر أحد بطون أولاد عبد الله من بطون بني عامر. وقيل غير ذلك والله أعلم بحقيقة ذلك. وقال الجامعي أيضا وحدثني بعض من حضر أنه تكسّر في يده يوم الاستشهاد سيفان وأنه لبس أفخر ثيابه وتحلى بأشرف حليته وركب أجود مراكبه ملأ جيوبه دنانير الذهب افتخارا على العدوّ أن بقي بأيديهم فوجدوه على تلك الحالة ه. وموته سبب لغزو إسماعيل سلطان المغرب لوهران إلى هذا أشار الحافظ أبو راس في سينيته بقوله :
ءاخره شعبان الزناقي حاصرها |
|
فامتنعت وشمشت أيما شمس |
أوطى الفليق الجرار لأراضيهم |
|
به هامت دمعهم من زكا وخس |
دارت حروب عظام بينهم قد أتى |
|
ءاخر أمرها باستشهاده النفس |
__________________
(١) الموافق ١٦٨٦ م.