بابا في الذيل ، والحافظ أبو راس في عجائب الأخبار أنّ سبب ذلك هو تغلب النصارى على السواحل ولما رأى العلامة أبو العباس أحمد بن القاضي الزواوي ذلك كتب لسليم سلطان الترك بذلك وسأله النجدة والإقدام فبعث للجزائر الباشا خير الدين بن المدلية وشقيقيه عروجا والإسكندر إسحاق بالجيوش ولما قتل إسحاق بالقلعة وعروج ببني يزناسن تخوّف خير الدين من الشيخ أحمد ابن القاضي وقتله فمات شهيدا وذلك أول سفكهم للدماء ظلما ببر الجزائر والقصة شهيرة فلا نأتي بها. وقال الحافظ أبو راس في عجائب الأسفار أن خير الدين وشقيقيه لما شبّوا في أكمل حالة الرجولية وغاية الشجاعة والعجولية اشتغلوا بالتجارة ، وتدربوا بالذكاءة والسياسة والجسارة ، ثم عملوا أجفنا للجهاد في البحر فأذاقوا النصارى شرا ، وقهروهم قهرا ، حتى أن عروجا قطعت يده في بعض الحروب بقرب بجاية ، لكونها كانت عامرة بالنصارى ولهم بها للمسلمين نكاية فكان هؤلاء الثلاثة يأتون بالغنائم ويرسّون على مدن الإسلام الساحلية لبيع ما عندهم ويقضوا حوائجهم الخافية والجالية ، فرسى خير الدين مرّة أسطوله بمرسى الجزائر وقضى مأريه (كذا) على عادته بالمزايز ، فسأله أهل الجزائر في المبايعة والتملك عليهم ، فأجابهم لذلك ومال إليهم ، ثم حصل بينهم وبينه كلام فغضب عليهم بالفعل والقول ، وذهب عنهم ولم يرجع لهم إلا بعد الحول ، فرغبوه ثانيا في المكث والمبايعة لإصلاح الدين ، فقبل بشرط قتل المفسدين ، فعينوا له جماعة منهم وسألهم التحقيق لإتمام كل خير ، ولم يزالوا في التعيين بالنقص إلى انحصار الأمر في ثلاثة لا غير ، فصلبهم على السور ، فهم أول من حكم فيه بالقتل المصطور ، واختلف في وقت مجيئهم على ستة أقوال : فقال : بعض المؤرخين أنهم جاؤوا سنة تسع وتسعين من القرن التاسع (١) واستولوا على (ص ١٨٦) تلمسان استلاء تاما سنة إحدى / وأربعين من العاشر (٢) ولا يخفاك ضعفه. وقال الحافظ أبو راس في زهر الشماريخ ، وابن عسكر في الدوحة ، إنهم ملكوا الجزائر في أول العاشر يعني في العام الأول منه (٣). وقال الحافظ عبد الرزاق
__________________
(١) الموافق ١٤٩٣ ـ ١٤٩٤ م.
(٢) الموافق ١٥٣٤ ـ ١٥٣٥ م.
(٣) الموافق ١٤٩٥ ـ ١٤٩٦ م.