التلاوي نوبة ابتدئت (كذا) من هاذين. توفي الباي رحمهالله ببلاد صبيح حال إقباله من الجزائر على الصحيح سنة ثلاثة عشر ومائتين وألف (١) بعد ما ملك عشرين سنة. وما في در الأعيان وأنيس الغريب والمسافر من أنه بقي ثمانية عشر سنة سهو لما قد علمت أنه تولى سنة اثنين وتسعين ومائة وألف وتوفي سنة ثلاثة عشر ومائتين وألف وبينهما عشرون سنة صحيحة. وبالجملة أنه كان خليفة علي خليل سبعة أعوام وبايا مستقلا عشرين سنة فذلك سبعة وعشرون سنة خدمة للدولة العثمانية المنصورة. ولما طار خبر موته لأهل الجزائر بعثوا لابنه عثمان خليفته وهو أكبر أولاده بالمملكة فركب فورا وحث السير إليهم حثيثا بعد ما بعث أباه لوهران وأوصى على دفنه بالمدرسة التي بالموضع المسمى بخنق النطاح من وهران وحين وصل الجزائر ولّي بايا مكان أبيه تلك السنة. وكان للباي محمد ألقاب وكنى ، فالألقاب : يقال له الكبير والمجاهد / والأكحل (ص ٢٣٧) والمنصور. والكنا : يقال له أبو عثمان وأبو علي وأبو محمد وأبو أحمد وأبو الفتوحات وأبو النصر وأبو المواهب وأبو الربيع وأبو الفتح إلى غير ذلك. قال الشيخ حسن خوجة في درّ الأعيان ، والشيخ مسلم في أنيس الغريب والمسافر. وحدث بأول مملكته بالمعسكر مسغبة عظيمة هلك بها أناس كثيرة إلى أن أكلوا فيها الميتة والدم والخنزير ولحم الآدمي والعياذ بالله من ذلك.
قلت وهو مخالف لما مر من أن ذلك حدث في أيام خليل وهو الصواب ثم حدث بأيامه الطاعون العظيم الذي لم يحدث في هذا الأقليم قبله قط إلى أن مات به جلّ الناس بدوا وحضرا وآل فيه الأمر إلى أن انتقل أهل الحضر والباي بأهله ومخزنه إلى البدو في خيام الشعر ظاعنين ظعن الأعراب البادية زمانا طويلا وقد جعل الباي خيمة حمراء من الوبر وسكن بها ببلاد أولاد سليمان أحد بطون بني عامر وأدار بها الزمالة ثم أدار بهم الدوائر فسمي بذلك الزمالة والدوائر لكونها زمالة الباي ودوائره وسمي العام بعام الخيمة الحمرا. ثم حدثت الزلزلة العظيمة التي لم تحدث قبل ذلك واشتدت بوهران أكثر من غيرها إلى أن سقط بها الدور والأبراج على أمم من النصارى فأهلكوا بذلك ودام ذلك إلى أن اتخذ النصارى
__________________
(١) الموافق ١٧٩٨ ـ ١٧٩٩ م.