بإخراجهم من وهران لينظر في ذلك فخرج الطلبة منها ، وانصرفوا بكلهم عنها ، وهو ينظر فيهم من محلّه وقلبه متحير في الأمر بكلّه ، فلم ير من لحقهم ورء (كذا) النساء درجن على الأسطاح وأعينهم شاخصات نحوهم أسفا عليهم وفي غم من أهل الصلاح ، فجاءهءاغته الأسد الضرغام ، البطل الهمام الشهم الكامل ، الجواد العاقل ، الكمى الباسل ، فارس القتال ، وصنديد النزال مبدد الأعداء ، وفاصل الدعاوي ، ءاغة السيد قدور الكبير بن إسماعيل البحثاوي وقال له يا سيدي لا يليق بك ولا بنا طرد الطلبة الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ، ويتلون كتابه العزيز بالإتلاء الحضي وإنما اللائق أن من فعل ذنبا يستحق به العقاب ، عقب ومن لا فلا بلا ارتياب. والذين اشتكوا لك بهم بأنهم أهل افتيات ، عليهم بحفظ أنفسهم وأهلهم مما ادعوه عليهم بغير إثبات ، فقبل منه هذا الكلام ، وفرح به كثيرا بالانتظام ، وأمر بردهم لمحلهم فرجعوا ، بعد أن (ص ٢٣٦) خرجوا منه وفزعوا ، ولما استقروا بمواضعهم ، واشتغلوا بمصانعهم ، ذهب / لهم على فرسه بشواشه ، متبخترا في سيره ونواشه ، وحين وصلهم لمحلهم ، دفع لهم مالا كثيرا زيارة بقصد التبرك بهم ، وقال لهم أيها الطلبة اشتغلوا بالقراءة وكفوا أنفسكم عن الإذاية فما في المدينة من يحبكم إلا ثلاثة في المحبة سواء ، وهم : أنا وءاغة قدور بن إسماعيل البحثاوي والنساء. وفيءاغة المذكور ، الفارس المشهور ، قال الحافظ العلامة ، القدوة الفهامة إمام المحققين وحافظ الوقت على الإطلاق بالتبيين الشيخ محمد أبو راس الناصري هذه الأبيات :
ألا إنّ أوصاف الكمال تجمعت |
|
بأسرها في شهم جليل تبرّعت |
أموره وهو قدور الذي قد فاق |
|
غيره ورتبه إلى السما قد علت |
سليل إسماعيل سليل بشيرها |
|
يلقّب ببحث تلقيبا له دنت |
جميع قواصيها وحاز كمالها |
|
كما لسطوته الرقاب قد أخضعت |
ونال علوا لا يناله غيره |
|
فما للبحثاوي من شبه يرى ـ روت |
فإنه حاتم وأخنق قيسها |
|
هرم ومأمون رشيد بلا عنت |
فاق ابن مكدّم في كل أموره |
|
ولو كان حاضرا سلّم له ثبت |
وكيف وأنه من نسل صعصعة |
|
وهو من المخزومي أصلا له ثبت |
وكانت رئاسة المخزن بين آغا هذا ومحمد الزحاف ولد الشريف الكرطي