مع ما انضم إليهم من بني شقران وصيروه غبرة ، وقد تعرضوا له وهو سائر ، وتكلم المدفع الرّباني فيه من سيدي مبارك في الدرقاوي الثائر ، سمعه الغائب وشاهده الحاضر ، فبصر الله البرجية على درقاوة ، وهزموهم هزيمة شنيعة وأبدلوا سعادتهم بالشقاوة وأخذوا بظهورهم وأدبارهم / ووضعوا البارود والسيف في (ص ٢٥٣) خيارهم وأشرارهم فكان يوما عظيما على درقاوة ، وغنم وقتل فيه من قتل وأسر من أسر وسبي من سبي وجرح ، وحلت بهم الشقاوة وغنم منهم الحاضرون لهم من البرجية وبني شقران ، غنائم كثيرة ليس لها حصران ، لم يفتقر بعضهم بعدها قط ولا يرى الخسران ، فلله درّ فرسان البرجية ومن انضم إليهم ، حيث قاتلوهم وهزموهم وغنموهم وسلطوا عليهم ، لقد أشفوا العليل ، وأبردوا الغليل ، ولم يقنعوا منهم بأخذ القليل ، بل تركوهم حصيدا لكل لاقط من الكثير والقليل. قال وفرّ الدرقاوي مفلولا فلة جليلة في شرذمة قليلة ، قاصدا لأهله وخاصته بالمعسكر فمنعه أهلها من الدخول ، وتقبّضوا بأهله وأولاده وسائر الذين بها من درقاوة ، ومكنوهم من القائد السيد الحاج بالحضري بن إسماعيل البحثاوي فجعلهم فورا في الكبول. وذلك أن الدرقاوي كان سجنه كما مرّ مع سائر القواد ، وتركهم في أرذل حالة على رؤوس الأشهاد. ولمّا حلّ بالدرقاوي من البرجية ما حل بسيدي مبارك ، أخرج المعسكريون الحاج بالحضري من السجن بمن معه وحكّموه عليهم ومكنوه من أهل الدرقاوي وأولاده وسائر طائفته عند ذلك ، وأعطوه السلاح فصار حكيما أميرا ، بعد أن كان مسجونا أسيرا ، وفتك بدرقاوة ما بين القتل والجرح والسّبي والكبل ، فتكا شديدا ، لا يكون له مثل ، والمرء بما دان يدان ، والأيام متداولة بأحوالها من الخير والشر على كل إنسان. قال تعالى : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ). وقال صلىاللهعليهوسلم : «يوم لك ويوم عليك». وقالت العرب : يوم سمين ويوم هزيل. وقال الشاعر من بحر الطويل :
/ ثمانية تجري على المرء كلّها |
|
وكل امرء لا بدّ يلقى الثمانية |
(ص ٢٥٤) سرور وحزن واجتماع وفرقة |
|
ويسر وعسر ثم سقم وعافية |
ثم أن الدرقاوي لما منع من الدخول للمعسكر فات على وجهه مع جموع الأحرار وسلّم في أهله وأولاده وأصحابه وفرّ. قال ولما أتى الخبر للباي بتشتيت درقاوة قام من ساعته ، وجمع أرباب دولته وأمرهم بالخروج لطلب الدرقاوي ،