بإذن الله ، إلا أن الجاهل كل الجهل من يريد أن يحدث في الوقت ما لم يحدثه الله ، عالم الغيب والشهادة ومقدر الشقاوة والسعادة ، المعطي المانع ، المعز المذل ، الخافض الرافع. قال ، وكان مع الدرقاوي من أعيان المخزن أبو القاسم ابن ونّان قائد الغرابة مطيعا له راكبا ، فرءاه يوما ورجله ترتعد في الركاب ارتعادا شديدا قد ارتعد لها جميع جسده والمخزن عليه كالبا ، وكان رجلا جسيما غليظ القوائم طويل القامة بالطول الحايم ، متسع الوجه مدوّره شديد البياض كثيف اللحية طويلها سريع الانقاض. فقرب منه وقال له ما هذا الخوف والجزع ، الذي اعتراك حتى حل بك الارتعاد والفزع ، وأنت في هم وحيرة ، وغم وسكرة ، فقال له يا خالي أبا القاسم والله لقد ذهب جميع ما كان عندي من السر الذي جئت وأنا لمن أرذل الناس كالنايم ، فقال له أن شيخك عما قريب يكون عندك ، فتنتصر على غيرك وحدك ، فأجابه بأن الشيء إذا ذهب ليس له رجوع ، ولا يفيد (ص ٢٥٢) فيه الشيخ ولا غيره / في المسموع ، فأيقن درقاوة من أنفسهم بالعجز والخذلان ، وأيسوا بحمد الله تعالى من فتح وهران. قال في در الأعيان أولئك الطائفة حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ، وهؤلاء الدافعة هم حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون الناصرون. قال فاتفق رأيهم على الارتحال عنها برجف وخفق ، لحصنها وشدة مخزنها والذهاب عنها لغيرها من مدن الشرق ، فأصبحوا ظاعنين وللعود لوهران ليسوا بطاعنين ، وكان بالغرابة ولي من أولياء الله الكاملين الواصلين الذين للسر حاملين ، يقال له السيد عبد القادر أبي عمامة ، تلميذ الضرير سيدي محمد أبي دية كثير الكرامة ، وكان مأذونا له بالكلام في أمور الكشف كشيخه الجليل ، وكان يسكن في عبادته بغابة مولاي إسماعيل. ولما تحرك الدرقاوي مشرقا ، وأحواله باطلة وقلبه مخفقا ، صار يقول هذا الولي بكلامه المشجع يا سيدي داوود ، غير هذه المرة ولا تعاود ، يا سيدي مبارك ، نوّض الجمل المبارك. ولما وصل الدرقاوي لمزارع سيق قرب سيدي داوود قامت عليه الغرابة مجتمعة للميدان ، ورايسهم (كذا) قايدهم أبو القاسم بن ونان يرومون منه أخذ الثار بما فعله بهم من قتل الرجال والنساء والصبيان فتعرضوا له بالضرب والنهب ، والقتل والسبي والعطب فنالوا منه بعض الإنالة وابتدا (كذا) في النقص بتلك الحالة. ثم لما وصل لسيدي مبارك قرب وادي هبرة ، لقيته فرسان البرجية