الجماجم عند الطيش والوحشة ، والثبات للزحف وقمع العدوّ عند الذهول والدهشة. فهم رجال الوفاء والخجل ، وهم السادات الذين لا يعتريهم الطمع والوجل ، بل شأنهم التقدم للنزال بين الصفوف ، والجولان في الحرب بالبنادق والسيوف ، ولهم معرفة بمكايد الحرب ، وتخلقوا بأخلاق الطعن والضرب ، فلا يخشون من قتل يوم ترحف الراجفة ولا يفرون من موت حين تتبعها الرادفة ، فإن ذهل غيرهم فهم ثابتون ، وإن انهزم غيرهم فهم نابتون ، فهم الذين صدق في وصفهم قول الشاعر ، الواصف لقومه ونفسه بالأمر الصائر :
إذا المرء لم يدنس من اللوم عرضه |
|
فكل رداء يرتديه جميل |
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها |
|
فليس إلى حسن الثناء سبيل |
تعايرنا أنّا قليل عديدنا |
|
فقلت لها أن الكرام قليل |
وما قلّ من كانت بقاياه مثلنا |
|
قدم تسامى للعلا وكهيل |
وما ضرّنا أنّا قليل وجارنا |
|
عزيز وجار الأكثرين ذليل |
لنا جبل يحتلّه من يجوره |
|
منيع يؤدي الطرف وهو كليل |
وإنّا القوم لا نرى القتل سبّة |
|
إذا ما رامته عامر وسلول |
وما مات منّا سيد حتف أنفه |
|
ولا ضلّ منا حيث كان قتيل |
تسيل على حدّ الظبات نفوسنا |
|
وليس على غير الظبات تسيل |
علونا على غير الظهور وإنّنا |
|
لوقت إلى خبر البطون نزول |
ونحن كماء المزن ما في نصابنا |
|
كهام ولا فينا من يعدّ بخيل |
وننكر إن شئنا على الناس قولهم |
|
ولا ينكرون القول حين نقول |
إذا مات منا سيد قام سيد |
|
يدل بما يهوى الكمال يقول |
ولا أخمدت نار لنا دون طارق |
|
ولا ذمّنا في النازلين نزيل |
وأيامنا مشهورة في عدوّنا |
|
لها غرر معلومة وحجول |
وأسيافنا في كل شرق ومغرب |
|
لها من قراع الدارعين فلول |
معودة إذا تسلّ نصالها |
|
فتغمد حين يستباح قتيل |
سلي إن جهلت النّاس عنا وعنهم |
|
وليس سواء عالم وجهول (١) |
__________________
(١) هذه القصيدة للشاعر السموأل ، وقد أحدث فيها المؤلف عدة تصحيفات.