المخزنية ، ويتوظف بالرتب السياسية إلى أن ارتقى للمملكة بغير الخلف ، فتولى بايا بالإيالة الغربية في نصف السنة الثامنة والعشرين والماتين (كذا) والألف (١) فهو سابع بايات وهران واستقر بحول الله تعالى على الكرسي في ذلك الإيوان. فألفى بالمخزن تخليطا كثيرا بسبب أمر الباي محمد أبي كابوس الذي كان قبله اتّهم فيه الكثير من الناس بتهمة الناكوس ، ولشدة عقله ورياسته ودينه وما كان منه ، وميثاقه غفر جميع ذلك لمن اتّهم به وعفا عنه ، وتلك التهمة والخلاط اختص به الزمالة ، دون غيرهم من المخزن فكانوا به حثالة الحثالة. وكان لا يقبل الوشاة ولا يصغي للموهن ، فإذا وشى أحد بغيره عنده لا يقبل ولا يسمع منه ما يؤذي به أخاه المؤمن ، وهو قليل الخطية للناس ، فلا يخطي إلّا القليل من الناس ، لا سيما المخزن وأهل البلد وذويه ، عكس ما كان من قبله عليه. وانقطع في أيامه ذكر الدرقاوي حتى صار لا يذكر إلّا على وجه الحكاية كما قال الراوي. قال وحدث في وقته الجراد المنتشر غير المعهود الذي أفسد الزروع والثمار ، وعمّ بالشرق والغرب سائر النواحي والأقطار ، ولم يخل منه مكان ، إلّا مدينة وهران ، وكان من لطف الله تعالى الواقع بهذا الباي جيد السيرة سديد الرأي ، الذي زاد للناس أمنا متسعا وهدّن روعة الوطن ، وسكّن من الأمر ما تحرّك وأحرى ما سكن ، فأسعدت به البلاد. واطمأنت به قلوب العباد ، أنّ عمر آغا لما فعل بأبي كابوس ما مر أخذ في نهب ما في بيت المال من الأموال ، ولما رءا (كذا) إبراهيم خزندار / الكبير ذلك علم أن الباي الآتي لا بد أن يكون من عدم المال ، (ص ٢٨٥) مع الجيش وغيره في ضرر ونكال ، بادر إلى الخزنة وأخذ منها غفلة جملة من المال ، وصعد به إلى أعلا (كذا) سطح المحكمة وجعله هنالك ، ولم يطلع على فعله إلّا الخالق المالك ، وحين تولّى الباي علي واستقر بالإيوان نظر لبيت المال فوجدها خاوية على العروش ، فتحيّر من ذلك وتألّم كثيرا وقال كيف أفعل مع هؤلاء الجيوش فدخل عليه إبراهيم خزندار فوجده مع نفسه في هم وحزن ، وتأسف صاعد وهابط ومحن ، فقال له يا سيدنا ما طرقك حتى صرت في هذا التأسف ، والضرر الشديد والتقشف ، وأنت البايلار باي وأنت الذي تزيل عن
__________________
(١) الموافق ١٨١٣ م.