باتفاق الحشم على القيام مع التجيني وإظهار الأرجاس ولما قرأ الباي تلك المكاتب ، أعلم أعيان جيشه ومخزنه بما فيها من الأمر العاطب ، وقال لقواده لا بد تأتوني بجيوشكم الباقية والجمع بيننا بوادي ماكرة ، وارتحل من الحناية فنزل بيسّر وبعده بماكرة ، وأقام بها أياما والجيوش تجتمع عليه إلى أن صار خميسه في غاية الخميس ، ثم رحل ونزل بالزفيزف ثم بعوّاجة من أرض غريس ، فأتاه الحشم بأجمعهم للضيافة ، ولم يعلموا ما سيحل بهم من المكافة ، فضيفوه وبعد الأمل قالت له نفسه لا يستقيم لك الأمر وتحصل لك الرّاحة إلّا بقتل قواد الحشم الإثنا عشر ، وهم محمد ولد عبد الله وابن أخته الحبيب ومحمد بن ركموط ومحمد ابن نكروف وغيرهم في صحيح الخبر ، وكان الكبير في هؤلاء القواد سنّا ورأيا وتدبيرا وشجاعة محمد ولد عبد الله فالصادر منه هم له طاعة ، فأمر الباي بقبضهم فقبضوا ، ما عدا القائد الحبيب فإنه لا زال على فرسه وقد سمع ما لفظوا وصار واقفا من بعيد ينتظر ما يحل بهم من الانتقام ، فلما رآهم ذهبوا بهم لبشوضة وهي محل القتل ذهب فارا بعد طول القيام ، ثم أنّ القواد الإحدى عشر لما عاينوا القتل وتحققوا به وهم في الجزع والدهش ، نطق كبيرهم ملتفتا وراءه لناحية الباي وقال يا هذا الوتاق ظلمتنا من غشك سلط الله عليه الغش ، فقال له محمد ابن زكموط يا مختل العقل حلفك لا ينفع ، وصاحب الوتاق لا ينظر فيك ولا لكلامك يسمع ، فالشّاه فيك على القساوة ، حيث كنت في نجاة ومن السعداء وصرت في هلاك ومن أهل الشقاوة ولما وصلوا لبشوضة وقد صارت جموعهم مفضوضة ، قال ابن زكموط لظربير ، وهو المأمور بقطع الرأس ، بأمر الأمير ، ناشدتك الله أن تبدأ بمحمد ولد عبد الله لتحصل به الراحة ، لقلة رأيه الفاسد (ص ٣٠٣) وعدم إصغائه / لقولنا حيث كان من أهل السمع فصار أصمّا كما صار أبكما بعد أن كان في الفصاحة ، ثم اقطع رأس الباقين واحدا بعد واحد. ففعل ظربير ما قاله ابن زكموط الماجد ، قال ولما قتل الباي في ساعة واحدة إحدى عشر قائدا ، وبعث برؤوسهم للمعسكر بعثا متواردا ، أنكر عليه ذلك كافة الترك الذين كانوا بالمحلة والغائبين ، كما أنكر عليه ذلك أغواته الذين هم من الراكبين ، وقالوا له سترى ما ينتج لك ولنا معك من الضرر العظيم ، حيث لم تستشر أحدا ، واستقلّيت برأيك الصميم ، وأظنك استشرت المازري وابن وارد ، فقالا نحن