الزاوية المحفوفة بحفظ الله في الزمان الآتي كالماضي وعدد كثير من العرب الصحراوية التي لا تمتثل للمعروف ولا تنتهي عن المنكر ، مع قوم الحشم إلى أن وصل للمعسكر ودخل منها حومة بابا علي ثم خرج منها ورجع لغريس فمات بعوّاجة مع أصحابه كلهم بلا تحريس ، ومن خبره أن الباي حسن كان قد دخله التخمين بأن التجيني سيقوم عليه بالأصفى ، كقيام ابن الشريف الدرقاوي على الباي مصطفى ، لإقبال الناس عليه في كل ناحية وانتشار صيته في كل ضاحية ، فرام كسر شوكته قبل تزايدها ، وهدم قوته قبل تعاهدها فجمع له جيشا عظيما ، وعددا كثيرا جسيما ، وغزى به عليه بعين ماض ، وحاصره بها شهرا كاملا يماض ، إلى أن حصل الصلح بينهما على يد كاتبه السيد الحاج محمد ابن الخروبي القلعي على أن يعطي التجيتي للباي لزمة سنوية في المرعى ، قدرها خمسمائة ريال منجّمة ، ويعطيه ألفي ريال حالّة مقدّمة (كذا) ، وكان ذلك عام إحدى وأربعين ومائتين وألف (١) ، فأخذ الباي تلك الغرامة الحاضرة وارتحل لوهران بالشضف ، وقد انكسر في قتال تلك الواقعة بلا تماري ، عدة ولد عثمان البحثاوي خليفة آغا الحاج محمد المزاري. ثم أنّ التجيني لمّا رأى ما حلّ به بغير سبب ظهر له مقاتلة الترك والغزو على الباي حسن في محلّه للعطب ودسّ ذلك في سويداء قلبه ، وصار يحشد الجنود ويجمع الحشود لشيء لم يكن من كتبه ، ويكاتب من يظن به الإذعان للمهالك ومن جملتهم الحشم فأخبرهم بمراده ووافقوه على ذلك. ولما دخلت سنة اثنين وأربعين ومائتين وألف (٢) ظهر للباي السفر للجهة الغربية لإزالة الغلف ، ويتفقد أحوالها في السرّ والإعلان ، فذهب بجيوشه / الكثيرة التي رأسها المخزن سيما أعيانهم قاصدا تلمسان. ولما نزل (ص ٣٠٢) بالحناية كأنه الأسد الحاقد جاءته ثلاثة مكاتب في وقت واحد ، أحدهما من عند الهواري الحشمي ، صاحب الصدق للباي في القول الجزمي ، وثانيها من عند قدور بن سفير قائد المعسكر وثالثتهما من عند مرة أحمد التركي الذي نفاه الباشا حسين من الجزائر للمعسكر ، وصيّره بها بمنزلة ناظر الأحباس ، يخبرونه فيها
__________________
(١) الموافق ١٨٢٥ م.
(٢) الموافق ١٨٢٦ م.