ما كنت جهولا (١).
ونقول :
إننا نرتاب كثيرا في دعوى أن يكون رسول الله «صلّى الله عليه وآله» قد كلمهم بكلام فاحش ، برر اعتراضهم عليه لأجله حتى استحيا مما صدر منه حتى سقطت العنزة من يده ، والرداء عن ظهره ، ورجع القهقرى استحياء.
وذلك لأنه «صلّى الله عليه وآله» إنما يشير بقوله لهم : يا إخوان القردة والخنازير إلى المسخ على صورة القردة والخنازير ، الذي وقع في إخوانهم وقومهم من بني إسرائيل ، بسبب ما ارتكبوه في حق الدين وأهله.
فهو «صلّى الله عليه وآله» لم يكن بذلك فحاشا ، ولا قال لهم ذلك عن جهالة ، بل أراد أن يذكرهم بعواقب التمرد على الله الذي لمسوه بأنفسهم ، وعرفوا عواقبه السيئة ورأوها بأم أعينهم. فلم يكن تصرف الرسول تجاههم وموقفه منهم عن جهالة أيضا بل هو في غاية الحكمة والدقة ، وليس فيه ما يوجب الاستحياء ، ولا ما يستوجب سقوط العنزة من يده والرداء عن ظهره.
مفارقة ما كنت جهولا!!
إن من غريب الأمور : أن نجد اليهود الغدرة ، الفجرة ، الذين ما فتئوا يوجهون أنواع السباب للمسلمين ، ولخصوص الرسول الأعظم «صلّى الله عليه وآله» ـ بل لقد ذهبت بهم الجرأة إلى حد التعرض بالسباب لأزواجه
__________________
(١) المغازي ج ٢ ص ٢٩٩ و ٥٠٠ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٢ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٤.