ولا بد أن يكون أبنا سعية حين موت ابن الهيبان شبابا ، يدركون مغزى كلام ابن الهيبان ، ويفهمون وصيته ، ولا أقل من أن يكون لهم من العمر عشر سنين ، فيكون عمرهم حين فتح قريظة حوالي ثلاثين سنة ، فكيف يكون أولئك النفر عند فتح قريظة شبابا أحداثا؟! .. إلا إذا كان يصدق على ابن الثلاثين أنه حدث!
وأما السؤال : عن سبب هجرة ابن الهيبان إلى المدينة وليس إلى مكة.
فقد يجاب عنه : بأن مكة لم تكن تقبل بسكنى اليهود فيها ، وإن كان هذا الجواب محل نظر وتأمل ، ويحتاج إثبات ذلك أو نفيه إلى دراسة وافية لهذا الموضوع.
عمرو بن سعدى ومحمد بن مسلمة :
١ ـ يذكر المؤرخون : أن عمرو بن سعدى اليهودي ، قد صارح قومه بأنهم قد عاهدوا محمدا : ألا ينصروا عليه أحدا ، وأن ينصروه ممن دهمه ، فغدروا ولم يشركهم ابن سعدى في غدرهم ، وقال لهم : «فإن أبيتم أن تدخلوا معه فاثبتوا على اليهودية ، وأعطوا الجزية ، فو الله ، ما أدري يقبلها أم لا.
قالوا : نحن لا نقر للعرب بخرج في رقابنا ، يأخذوننا به. القتل خير من ذلك.
قال : فإني بريء منكم. وخرج في تلك الليلة مع ابني سعية ، حتى أتى مسجد رسول الله ، فبات فيه ، فلما أصبح غدا ، فلم يدر أين هو حتى الساعة.
فسئل «صلّى الله عليه وآله» عنه ، فقال : ذاك رجل نجاه الله بوفائه» (١).
__________________
(١) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٣ و ٥٠٤ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥ و ١٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٥ و ٣٣٦.