جهجاه المكروه سياسيا.
قد أظهرت النصوص المتقدمة : أن جهجاها الغفاري هو صاحب المشكلة ومثيرها ، ووصفته بأنه كان أجيرا لعمر بن الخطاب ، يقود له فرسه.
ثم إن بعض النصوص : قد أظهرت حقدها على هذا الرجل بالذات ، حيث تقول : «فكسع رجل من المنافقين رجلا من الأنصار» (١).
ومن المعلوم : أن المقصود بالمنافق هو خصوص جهجاه ، لأنه هو الذي كسع الأنصاري ، الذي هو سنان كما تقدم.
والذي نريد أن نلفت النظر إليه هنا هو :
أولا : إن جهجاها لم يكن رجلا عاديا ، يمكن أن يكون أجيرا لعمر بن الخطاب ليقود له فرسه ، ولا كان عمر في موقع يجعلنا نقبل بأنه قد أصبح ميسور الحال ، وفي موقع إجتماعي يؤهله لأن يستأجر رجلا ، لا لأجل الخدمة ، وقضاء الحاجات ، بل ليقود له فرسه!!
ولا نرى أن جهجاها في موقع من يثير مشكلة في زحام الناس على الماء ، فقد نجد له من الاحترام والتقدير ، ما يجلعنا نربأ به عن أمر كهذا.
ثانيا : إننا نشك في صحة بعض ما ينسب إلى هذا الرجل ، ونرى أن ثمة يدا تحاول أن تسيء إلى هذا الرجل ، وتصغر من شأنه ، وتثير الشبهات حوله ، إلى درجة أنها تصفه بالنفاق ، وذلك بسبب مواقفه السياسية ، التي لا تنسجم مع أهوائها ، وطموحاتها ، وتوجهاتها.
__________________
(١) الدر المنثور ج ٦ ص ٢٢٥ عن سعيد بن منصور ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل عن جابر.