قومهم وعشيرتهم :
ويستوقفنا أيضا قول حاطب بن أمية ، حين أحس من سعد : أنه ينوي أن يحكم فيهم بحكم الله : ذهب قومي آخر الدهر.
وصاح الضحاك : وا قوماه.
فهم إذن يعتبرون هؤلاء اليهود قومهم وعشيرتهم.
ولعل ابن معاذ قد قصد هؤلاء بالذات ، حين قال عن الكارهين قتل بني قريظة : ما كرهه من الأوس من فيه خير.
لو كان الكلام أكثر دقة :
ويقول البعض : «لما رأى بنو قريظة جيش المسلمين خارت قواهم وأيقنوا بالهلاك فتبرموا مما ارتكبوه من الغدر ، وسألوا الرسول العفو ، فأبى ذلك عليهم ، وشدد الحصار عليهم خمسة وعشرين يوما حتى نزلوا على حكمه ، وسألوا حلفاءهم الأوس أن يتوسطوا في إطلاقهم الخ ..» (١).
ونقول :
قوله : إنهم سألوا الرسول العفو ، غير دقيق ، إذ إنهم قد أبوا في البداية أن ينزلوا على حكم رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، الأمر الذي يشير إلى تشكيكهم في عدالة حكمه ونزاهته. ثم إنه ليس للغادر المحارب أن يشترط لاستسلامه أي شرط كان. إلا أن باستطاعته أن يلتمس العفو وتخفيف العقوبة. أو يقدم المبررات لخيانته ولحربه ، إن كان يرى أنها تكفي للإقناع.
__________________
(١) تاريخ الإسلام السياسي ج ١ ص ١٢٠.