فيكون «صلى الله عليه وآله» قد ارتكب خطأ عقائديا صححه له الخليفة الثاني ، على سبيل الإرشاد والتعليم؟!
أما أنه حسد سعدا على هذه الكرامة التي أكرمه الله تعالى بها ، فأظهر ذلك بطريقة غير مباشرة. ونفى عن سعد هذا الوسام بذكاء ودهاء؟!
إننا نعترف بعجزنا عن معرفة حقيقة القضية ، وواقع الأمر.
الخوارج ومشروعية التحكيم :
قال الإمام الحسن «عليه السلام» حين خاض الناس في أمر الحكمين ، بعد صفين : «وإنما الحكومة فرض الله ، وقد حكّم رسول الله «صلى الله عليه وآله» سعدا في بني قريظة ، فحكم فيهم بحكم الله لا شك فيه ، فنفذ رسول الله حكمه ، ولو خالف ذلك لم يجزه» (١).
فالإمام الحسن «عليه السّلام» قد ركز على أمرين :
أحدهما : مشروعية التحكيم ، ولكن لا من باب أن الأصل هو الجواز فيما لم يرد فيه نص ، بل من باب النص على المشروعية ، وصدور الحكم الإلهي بذلك فالحكومة ـ كما قال «عليه السّلام» ـ فرض الله.
الثاني : إن تنفيذ الحكم الصادر منوط بأن لا يخالف حكم الله عز وجل ، فالتحكيم ما هو إلا امتداد للحكم الإلهي ، ومن مظاهر ومراحل تنفيذه ، وليس في قبال الحكم الإلهي ، كما يدعيه الخوارج.
قال النووي : «فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين في أمورهم العظام.
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج ٣ ص ٢٢٣.