أولا : هل تزوج صلى الله عليه وآله جويرية لجمالها؟!
لقد ظنت عائشة أن جمال جويرية سوف يؤثر على مشاعر النبي «صلى الله عليه وآله» ، وأحاسيسه ، ويدعوه إلى اتخاذها زوجة ، فكرهتها لأجل ذلك.
ونحن وإن كنا لا نستغرب غيرة عائشة هذه ، فقد لمسناها منها بالنسبة إلى جميع زوجاته «صلى الله عليه وآله» ، حيث كانت تغار منهن ، وتحسدهن ، وتكرههن ، وتدبر في الخفاء للكيد لهن. كما دلت عليه النصوص التاريخية والحديثية المتضافرة والمتواترة.
كما أننا لا ننكر على النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أن يتزوج المرأة ذات الجمال ، فإن ذلك هو ما تقتضيه الجبلة الإنسانية ، ويدعو إليه الذوق السليم ، والطبع السوي ، وهو أيضا ما حبذته نصوص الشريعة الإلهية السمحة.
إلا أننا ننكر على عائشة أن تفكر هي أو غيرها : أن الجمال والجمال فقط هو المعيار والفيصل في إقدام النبي «صلى الله عليه وآله» أو إحجامه في هذا المجال ، فإنه هو نفسه «صلى الله عليه وآله» قد ذكر ، أن ثمة معايير أخرى إسلامية وإنسانية هي التي تتحكم في القرار الحاسم في أمر الزواج.
والذي يظهر لنا هو : أن عائشة ـ كما يظهر في موارد كثيرة ـ كانت تنظر إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وكأنه رجل عادي جدا ، تستخفه فتأسره مسحة جمال عارضة ، وينشد وينجذب إليها ، دون اختيار ، فتفرض عليه موقفا هنا ، وتصرفا هناك ، تماما كما هو الحال بالنسبة لأي مراهق ناشئ ، تثيره غرائزه ، وتسيطر عليه أهواؤه وشهواته.
وحاشا نبي الإسلام الأعظم «صلى الله عليه وآله» أن تصدق فيه ظنون عائشة وأوهامها ، وهو النبي المعصوم ، الذي لا شك في طهارته ، ونبله ،